غير آمنة حين تسلك هذا الطريق مما أثر أسوأ الأثر على تجارة قريش التي تعيش عليها، وهدد مكة بالحصار الاقتصادي لمحاولة حرمانها من سلوك طريق مكة الشام بأمان (?) .

وكما حرص النبي صلى الله عليه وسلم على أن يوجد في داخل المدينة أداة للحكم وأن ينظم شؤونها الداخلية كذلك حرص عن طريق السرايا على أن يضم إلى المدينة ما حولها من ريف وقبائل، وأن يخطط لها مجالها ويقرر حدودها ويعقد لها أحلافا مع القبائل النازلة حولها، لأن الحاضرة لا تستطيع أن تعيش بنفسها ولا تستغني عن ريف يمدها بالمؤن ويكون مجالا لنشاطها. وكان هذا أحد أسباب قيام النبي بعدة سرايا ابتدأت من المدينة واتجهت إلى جميع الجهات فأمنت هذا الريف، وعقدت في أثناء هذه السرايا أحلافا مع القبائل المجاورة. إذ أنه لا بد لسكان المدن التي تقوم في وسط جو بدوي أن تعمل حسابا كبيرا لغزوات البدو ولا يكون ذلك إلا عن طريق محالفة البدو ثم كسر شوكتهم بالضرب على أيديهم عند اللزوم وإشعارهم دائما بقوة المدينة وقدرتها على الضرب (?) . وكانت استراتيجية الرسول في توجيه سراياه، وغزواته كذلك، تعتمد الحذر الدائم والحرص على أن يعرف من أخبار القبائل ما يمكنه من تدبير أمره لإقرار هيبة الدولة في نفوس البدو، فكان لا يترك فرصة لهم للتجمع لغزوه ومهاجمته بل كان يقظا سريع الحركة ما يكاد يسمع بتجمع أعدائه حتى يفاجئهم قبل أن يستكملوا أمرهم فيشتت شملهم ويلقي الرعب في قلوبهم. فالهجوم عنده أقوى وسائل الدفاع، وتحطيم قوة العدو قبل أن تكتمل أفضل من تركها تتجمع ثم الصمود لها. ولقد أتاحت هذه الظروف للدولة الإسلامية في المدينة فرصة الاستقرار (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015