بدأ الرسول صلى الله عليه وسلم فور تثبيت أسس دولته الجديدة في المدينة صراعا (مرحليا) ضد الوثنية العربية وزعيمتها قريش تمثل بشن حروب صغيرة متقطعة ضد القوافل والمواقع الوثنية، أطلق عليها المؤرخون اسم (السرايا) ، استهدفت إرباك قريش وحلفائها وإضعافهم وتحطيم معنوياتهم وضرب نشاطهم التجاري الذي يمثل عصب حياتهم وشريان وجودهم، والحصول على مورد للتموين والتسليح في أعقاب الأزمة المالية التي كان المسلمون يعانونها في مطلع عهدهم بالهجرة. كما استهدفت السرايا إنذار أعداء الدولة الناشئة من غير قريش وحلفائها كاليهود في الداخل وجماعات البدو في الخارج بأن المسلمين قادرون على الرد ومستعدون للتصدي لأي عدوان يستهدف منجزاتهم التي حققوها طيلة أربعة عشر عاما من الجهد والعناء.
ومن جهة أخرى جاءت هذه الهجمات أشبه بمناورات حية كان المقاتل المسلم يجسّ عن طريقها نبض أعدائه ويختبر إمكاناتهم الحربية، ماديا ومعنويا، ويمارس مزيدا من التدريب وتنمية قدراته وطاقته على الصمود.
كانت المجموعة الأولى من السرايا قد انطلقت منذ منتصف السنة الأولى للهجرة. انطلق حمزة رضي الله عنه في رمضان من تلك السنة على رأس ثلاثين رجلا من المهاجرين ليعترض قافلة لقريش عند ساحل البحر ولقي أبا جهل في ثلاثمائة رجل فحجز بينهما مجدي بن عمرو الجهني.. ولم يقع اشتباك وكان