[2]

وكلاهما كان نقيبا- فأما المنذر فأعجز القوم، وأما سعد فأخذوه وأوثقوه رباطا ثم اقبلوا به حتى أدخلوه مكة يضربونه ويجذبونه من شعره الكث» ... لكنه سرعان ما تذكر اثنين من تجار المشركين، كان يجيرهما لدى مرورهما بيثرب ويمنعهما ممن كان يريد ظلمهما هناك، فاستجار بهما فهرعا إليه وخلصاه من أيدي القرشيين، فانطلق إلى يثرب ليلحق برفاقه الذين سبقوه إليها (?) ، وراحت قريش تشدد قبضتها على المسلمين في مكة وتزيد من اضطهادهم، بعدما رأت من تجاوب أهل يثرب معهم «فأصاب المسلمين جهد شديد، وكانت الفتنة الآخرة، وكانت فتنتين، فتنة أخرجت من خرج منهم إلى أرض الحبشة.. وفتنة لما رجعوا ورأوا من يأتيهم من أهل المدينة» (?) .

[2]

أصدر الرسول صلى الله عليه وسلم أوامره إلى أصحابه بأن يبدأوا هجرتهم، مختفين، متفرقين قدر الإمكان.. وبدأت طرقات مكة وبيوتها وأزقتها ونواديها تشهد يوما بعد يوم غيابا مستمرا لأصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم.. أما هو صلى الله عليه وسلم فكان ينتظر تأمين هجرة أصحابه.. ثم يبدأ هو ومن سيختارهم للبقاء معه، خطواته صوب المدينة ريثما يتلقى إشارة الوحي الأمين بالتحرك.

وفتح القرشيون يوما أعينهم على مكة وقد أقفرت من المسلمين!! لقد غادروها صوب المهمة التي تنتظرهم مخلفين وراءهم أموالا وبيوتا ونساء وأطفالا وشيوخا ومتاعا كثيرا ... إن الهدف الذي تحركوا من أجله أغلى وأثمن من الأموال والبيوت والمتاع، وأكثر إلحاحا من تلبية مطالب جسدية أو حياتية أو اجتماعية.. إنهم مستعدون لأن يبذلوا أرواحهم ودماءهم في سبيل هذا الهدف الذي ينتظرهم هناك في نهاية الهجرة، فكيف لا يتخلون عن الأموال والنساء والمتاع؟

وها هي رؤوس قريش تجتمع في (دار الندوة) قبل أن تفلت الفرصة من أيديهم ولات حين مندم.. وطرحت آراء باعتقال الرسول صلى الله عليه وسلم وتكبيله بالأغلال أو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015