الرسول صلى الله عليه وسلم ويخيل إلينا أننا نسمع محمدا يتحدث في مؤلفاتهم إما باللهجة الألمانية أو البريطانية أو الفرنسية ولا نتمثله قط- بهذه العقلية والطباع التي ألصقت به- يحدّث عربا باللغة العربية» ، وينتهي المستشرق الفرنسي- الذي أعلن إسلامه- إلى القول «إن صورة نبيّنا الجليلة التي خلفها المنقول الإسلامي تبدو أجلّ وأسمى إذا قيست بهذه الصور المصطنعة الضئيلة التي صيغت في ظلال المكاتب بجهد جهيد» (?) .
ويحدثنا المستشرق البريطاني المعاصر (مونتكمري وات) في كتابه (محمد في مكة) كيف «إن عزيمة محمد في تحمّل الاضطهاد من أجل عقيدته، والخلق السامي للرجال الذين آمنوا به، وكان لهم بمثابة القائد، وأخيرا عظمة عمله في منجزاته الأخيرة، كل ذلك يشهد باستقامته التي لا تتزعزع؛ فاتهام محمد بأنه دجّال Imposteur يثير من المشاكل أكثر مما يحلّ، ومع ذلك فليس هناك شخصية كبيرة في التاريخ حطّ من قدرها في الغرب كمحمد. فقد أظهر الكتاب الغربيون ميلهم لتصديق أسوأ الأمور عن محمد. وكلما ظهر أي تفسر نقدي لواقعة من الوقائع ممكنا قبلوه» . ثم يقدم (وات) قاعدة منهجية تكاد تكون بديهة من بداهات المنهج الأساسية، إلا أنها في موقف الغربيين إزاء شخصية محمد تضيع ويوقف العمل بها.. «فإذا أردنا أن نصحح الأغلاط المكتسبة من الماضي بصدده، فيجب علينا في كل حالة من الحالات، لا يقوم الدليل القاطع على ضدّها، أن نتمسك بصلابة بصدقه، ويجب علينا ألا ننسى أيضا أن الدليل القاطع يتطلب لقبوله أكثر من كونه ممكنا، وأنه في مثل هذا الموضوع يصعب الحصول عليه» (?) .
وفي مكان آخر يضرب (وات) بالمستشرق الفرنسي (لامانس) مثلا على الانحرافات المنهجية التي يمارسها كثير من المستشرقين، وبخاصة ذلك (الخطأ) الذي سبق أن ذكرناه والذي يقوم على جعل الوقائع التاريخية مجالا انتقائيا للتدليل على فكرة مسبقة أو اتجاه محدّد سلفا. إن لامانس «للأسف!! يتجاوز الأدلة كثيرا في ناحية أخرى، إذ أن طريقته العابثة (!!) في المعالجة ليست طريقة علمية (!!) ، فهو يرفض هذا الرأي ويقبل الآخر حسب أفكاره الخاصة ومعتقداته، دون أن يعبأ بالموضوعية. ففي عبارة (الأحابيش وعبيد أهل مكة) نجد أن (الواو)