تفسيرية تشير إلى أن الأحابيش من ضمن العبيد، بينما نجد في عبارة (الأحابيش ومن أطاعهم- أي القرشيين- من قبائل كنانة وأهل تهامة) أن (الواو) تدل على تمييز تام. ولكن لماذا يفعل لامانس ذلك؟ يبدو أنه يؤكد تحقيق النظرية التي يحاول التدليل عليها» (?) .
ونحن نستطيع أن نحصل على عشرات، بل مئات، من هذا (الانتقاء الكيفي) أو التفسير (الاختياري) للنصوص التاريخية في كثير من كتب المستشرقين وبخاصة أجيالهم الأولى. فبروكلمان- على سبيل المثال- لا يشير إلى دور اليهود في تأليب الأحزاب على المدينة، ولا إلى نقض بني قريظة عهدها مع الرسول صلى الله عليه وسلم في أشد ساعات محنته، ولكنه يقول «ثم هاجم المسلمون بني قريظة الذين كان سلوكهم غامضا على كل حال» (?) . ويتغاضى (إسرائيل ولفنسون) عن حادثة نعيم ابن مسعود في معركة الخندق كسبب في انعدام الثقة بين المشركين واليهود (?) ، ولعله يريد أن يوحي بذلك أن اليهود لا يمكن أن يخدعوا!!
ودرمنغم يشير هو الآخر، وبوضوح أشد، إلى الأزمة المنهجية التي تعرّض معظم البحاث الغربيين عن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم لأخطاء لن يغفرها العلم، وكيف أنها في العقود الأخيرة- بدأت تخف تدريجيا. إن سيرته- يقول درمنغم- «تحاط في زماننا بكثير من التحفظات، ولا ريب في مجاوزة النقد للحد أحيانا على وجوه مختلفة مع الأسف، ولكن من المؤكد أنه لا يحدث اليوم عن حياة محمد بتعابير ووجهات نظر كالتي جاءت في كتب التراجم الأخيرة التي ظهرت في المكتبة الفرنسية منذ خمسين سنة ككتاب واشنطن أرفنج» ، ويمضي درمنغم إلى القول بأنه «جد في البحث العلمي بعض العلماء في القرن التاسع عشر ومنهم كوسان دوبرسفال وموير وفيسل ومرغليوث ونولدكه وشپرنجر وهورغرنجه ودوزي، ثم تناوله- أي النبي صلى الله عليه وسلم- مؤخرا كايتاني ولا مانس وماسنيون ومونته وكازانوفا وبيل وهوار وهوداس وأرنولد ومارسيه وغريم وغولدسيهر وغودفروا ومونبيه وغيرهم.
ومن المؤسف حقا أن غالى بعض هؤلاء المتخصصين في النقد أحيانا، فلم تزل كتبهم عامل هدم على الخصوص.. ومن المحزن ألا تزال النتائج التي انتهى إليها