ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: "من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى" ووفد أعرابي على النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: متى الساعة يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم: وماذا أعددت لها؟ قال: ما أعددت لها كثرة صلاة ولا صوم وإنما أحب الله ورسوله قال: صلى الله عليه وسلم "المرء مع من أحب". وما أعظم العبرة في قوله صلى الله عليه وسلم للأعرابي "وماذا أعددت لها" إذ صرفه من الإهتمام بالموت إلى الإهتمام بالإستعداد له فكأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن الموت آت لابد منه فالتفكير فيه لا يهدي إلى حيلة تصرفه أو تؤخر وروده، وإذن فلا فائدة في التفكير فيه إنما الذي يفيد ويهم هو الإستعداد وأخذ الزاد، ومن غفلة الإنسان أن يسأل عن القيامة كأن كل إنسان لا يموت حتى تقوم القيامة مع أنه يرى الموت بعينيه كل يوم ويدفن بيديه كل عزيز لديه وفيمن يموتون ويدفنون الصبي الذي لم يفطم والطفل الذي لم يبلغ الحلم والشاب الذي لم يجن بعد ثمرات المنى، يرى كل هذا بعينيه ويحسب أنه لا يموت حتى تقوم الساعة، والساعة تقوم كل يوم (ومن مات قامت قيامته).

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزنوا وتزينوا للعرض الأكبر يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية" وقال: "سيأتي على الناس زمان يكون صالحهم فيه من لا يأمر بمعروف ولا ينهي عن منكر فيقول الناس: ما رأينا منه إلا ضرا لكونه لم يغضب الله تعالى" وكان إذا مر بمزبلة يقول: "هذه دنياكم التي تحرصون عليها" وهو شبيه بقول علي وقد مر بقذر في مزبلة أيضا: "هذا ما بخل به الباخلون".

وقال علي رضي الله عنه: "إذا كان يوم القيامة أتت الدنيا بأحسن زينتها ثم قالت: يا رب هبني لبعض أوليائك فيقول الله عز وجل لها: إذهبي بلا شيء فلأنت أهون من أن أهبك لبعض أوليائي" فتطوي كما يطوب الثوب الخلق فتلقي في النار" وشيع جنازة فلما وضعت في لحدها عج أهلها وبكوا فقال: "ما بيكون؟ أما والله لو عاينوا ما عاين ميتهم لأذهلتم معاينته عن ميتهم وإن له فيهم لعودة ثم عودة حتى لا يبقي منهم أحد" وسئل عن الخير ما هو؟ فقال: "ليس الخير أن يكثر مالك وولدك ولكن الخير أن يكثر علمك وأن يعظم حلمك وأن تباهي الناس بعبادة ربك فإن أحسنت حمدت الله وإن أسأت استغفرت الله ولا خير في الدنيا إلا لرجلين رجل أذنب ذنوبا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015