ونبي الإسلام- عليه الصلاة والسلام- ينبه إلى أن الوقت- لعظم قيمته عند الله- أول شيء يحاسب عنه يوم القيامة، إذ يقول: "لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله فيم أنفقه ومم اكتسبه وعن علمه ماذا عمل به"، وينبه إلى كسب مما يغفل الناس عنه من الوقت ويسمى ذلك بركة، أي زيادة ربح، لأنه زيادة وتوسيع في الوقت إذ يقول: "باكروا فإن في البكور بركة"، ويدعو إلى التخفف من الأعمال لكسب فائض من الوقت ولئلا تتزاحم الأعمال فيعجز عن القيام بها جميعا فيضطر إلى تركها جميعا إذ يقول: "اكلفوا من الأعمال ما تطيقون" ولذا لما سألت عائشة رضي الله عنه: أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: أدومها وإن قل".

هذا وأن الذي يؤلم حقا أن تكون الأمة التي هذا دينها، هي اليوم أبعد الناس عن الانتفاع بالوقت، حتى يعظها ذلك الفرنسي الذي لا يدين بالإسلام، بتلك الموعظة البليغة التي تذكرنا بحسن الإنتفاع بالوقت.

ولا يفوتني- أخيرا- أن أنبه الإخوان الوعاظ إلى كلمة قلما يخلون منها خطبهم وهي قولهم: (لولا ضيق الوقت لبسطنا القول بأكثر من هذا) أو ما أشبهه، فهي كلمة لا تؤدي شيئا، ولكنها تقتطع جزءا- ولو كان قليلا- من الوقت.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015