به من ضمانات، فإنه- عز وجل- يعلم ضعف عباده فما حرم شيئا إلا جعل مما حلل منه عوضا فهو إذا حرم الربا حلل البيع، وإذا حرم الزنا حلل الزواج، ولكنه الجهل وغلبة الشهوات، فأنت يا أخي- الآن- لست مضطرا لأنك تستطيع أن تتزوج، وإنما لتحكم الجهل فينا تحكمت فينا عادات، فنحن نحافظ عليها أكثر مما نحافظ على ديننا، ونحن نحاول أن نحمل الدين ضرورة غير مشروعة، ولا نحاول مثل ذلك في هذه العادات، فهي حرم مقدس عندنا، فمثلا بدل أن يتزوج ذو الطبقة العليا من الطبقة المتوسطة أو الطبقة الدنيا في حال ما إذا كان غير ميسور الحال يفضل أن يبقى عزبا، أو يتسرى بصلة غير شرعية، وفي هذه تضحية بالدين في سبيل المحافظة على العادة، فأين الإضطرار- إذن- إن المضطر يأكل الميتة (ولكن الميتة هنا كانت هي المرأة التي لم يعقد عليها)، وكذلك ترضى الأسرة أن يبقى الشاب فيها عزبا، والبنت عانسا ولا ترضى بزواج ينقصه شيء كمالي من النفقات أو طقوس الزواج.

إن الدين- يا قوم- ليس مجموعة ضرورات، ولا مجرد صلوات، ولا محض أخلاق، ولكنه قانون اجتماعي شامل، لا ينتفع به إلا من عمل به كله، إنه قانون الله لعباده وليس من صنع مخلوقه ضعيف تستبد به مشاعر، وتدفعه مصالح، وتتحكم فيه ظروف، وإننا لو فهمناه حق الفهم وطبقناه على حياتنا خير تطبيق لما احتجنا إلى هذه الإستعارة المفضوحة من غيرنا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015