ذكر عبد الله بن عمر بخير، عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: نعم الرجل هو، لو كان يقوم الليل، فما ترك بعدها قيام الليل، فكانت هذه الكلمة، خير توجيه له، وكانت كالمشعل القوي الذي أنار له الطريق السوي.
وذكرت- عندما كتبت فصلا عن (عبد الحميد الموجه) بمناسبة ذكراه - أنه جمعي به أول مجلس، فبادرني بسؤاله: ماذا طالعت من الكتب؟ فأخذت أسرد له- لسوء حظي أو لحسنه قائمة حافلة بمختلف القصص والروايات، فنظر إلي نظرة عاتبة غاضبة وقال: هلا طالعت (العقد الفريد) لابن عبد ربه؟
هلا طالعت (الكامل) للمبرد بشرح المرصفي؟ واستمر في سرد قائمة من الكتب النافعة المكونة، فكانت تلك الكلمة القيمة خير توجيه لي في هذا الباب.
ولما ختم درس التفسير وأخذ الناس يلهجون بالثناء عليه نهض قائما، ثم قال: قولوا: رحم الله الشيخ حمدان، فقد قال لي: يا عبد الحميد إياك والوظيف، - يريد الشيخ- رحمه الله- أن حسن التوجيه هو صاحب الفضل في ذلك وأن كلمة شيخه- هذه- هي التي أوجدت عبد الحميد العظيم- ويريد من وراء ذلك ومن إيراد هذه الكلمة، أن يوجه بها- هو الآخر- تلاميذه ومريديه، بأن يسد في وجوههم هذا الباب، الذي من دخله خرج من كل ما كان له، ولم يبق له إلا أن يأكل ويشرب (شأن الأنعام)، ولو أن عبد الحميد كان موظفا لربما كان كأكثر الموظفين، الذين لا تهمهم إلا أنفسهم ولا يشعرون بما تعانيه أمتهم، وإننا لنتسامح في التعبير إذ نقول: