ليت الناس يعلمون مقدار ما تؤديه هذه الكلمة من رصيد قوي للعقيدة، ومن رسالة عظمى للمجتمع، ومن نفع عام للبشرية.
وليتهم إذ يعلمون، يعملون، إنهم لو فعلوا، لسادت الصراحة بينهم، وشاعت الشجاعة فيهم، ولتقلص ظل النفاق من جباههم، واختفى شبح الخوف من أمامهم، ولعاد للمجتمع الإسلامي كيانه، ولانتفع أحفاد الهداة الأولين من المسلمين بتراثهم، ولكن المسلمين اليوم إلا ما ندر قد صرفهم صارف عن هذه الروائع الخالدة من تراثهم، وإذا وقفوا أمامها، فموقف المتفرج على الأشياء الغريبة عنه.
علم علي رضى الله عنه أن للخوف سلطانا على النفوس، يحول بينها وبين قول كلمة الحق، وإعلان الشهادة، وتغيير المنكر، ومكافحة الشر، ورد المعتدين عن عدوانهم، فقال هذه الكلمة البليغة الحكيمة: (لا حارس كالأجل) ليصرف بها عن قلب المؤمن ما يخدعه به الشيطان من أضاليل وأوهام، وليشعره بأن من أجله في الستين لا يموت قبلها- كما أنه لا يموت بعدها- لأن الله تعالى يقول: {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ}.
وهذا المعنى يحوم حول قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يبلغ العبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه".
وأكثر ما يقعد بالناس عن أداء رسالتهم في مكافحة الشر، ومقاومة الباطل، وتغيير المنكر، حرصهم على الحياة وخوفهم من بطش الطغاة، فقاوم الأنبياء والمرسلون،