قتلة، وأخذت منهم دية القتيل ... لندع هذا وأمثاله مما قد يجادل فيه بعض المجادلين بالباطل ... فالنص القرآني ينطبق بدون حاجة إلى هذا أو أمثاله، ينطبق بحكم القوانين، السائدة في المجتمع الحاضر والتي تبيح الربا وتبيح الزنا وتبيح القعود عن أداء الزكاة، وتعطل حدود الله المنصوص عليها في القرآن."

هذه البيئة الكافرة التي يصورها سيد قطب: بهذه العبارات الواضحة السافرة هي التي يعيش عليها المسلمون اليوم في أكثر بقاع العالم الإسلامي، إن لم نقل كلها، وهذه البيئة الفاسدة الطافحة بالشرور هى التي يجب إصلاحها قبل كل شيء وإلا لما استطعنا إصلاح شيء من الأشياء فإن إصلاح الأرض قبل بذر الحب وإلا فسد النبات بفساد الأرض هذه الأرضاع الفاسدة المقلوبة يجب إصلاحها قبل كل شيء، والإسلام ما جاء إلا ليصلح هذه الأرضاع لا ليعيش فيها ويجاريها ويساير تيارها، فمثلا جاء الإسلام فوجد نظام الربا سائدا في البيئة العربية فأبطله وقضى عليه، فإذا جاءت المدنية الأروبية المادية وأباحت الربا فيجب أن لا نسير في تيارها وننسخ بحكمها حكم الإسلام، وجاء الإسلام فوجد السفور والاختلاط وما يجران إليه من الزنا وفساد النسل واختلاط الأنساب فحرم ذلك وهاجمه وقضى عليه، فإذا جاءت المدنية المادية الكافرة وأباحت ذلك فلبس من الإسلام ولا من المدنية الصحيحة أيضا أن نجاريها ونقضي على تعاليم الإسلام وعلى الأصول الصحيحة للمدنية الصحيحة التي تحترم العنصر الأخلافي في الإنسان لا أن تتملق غرائزه وشهواته، ولكن المسلمين- ويا للأسف- ولاسيما من تثقف منهم ثقافة أجنبية جرفهم تيار هذه المدنية الزائفة وخطف أبصارهم برقها الخلب، وأصبح المتخلف عن ركبها يعد متخلفا عن ركب الحياة، والمحتفظ بتعاليم الإسلام والمتأدب بآدابه يعتبر رجعيا ومتعصبا وجامدا. إن الإسلام لم يبتل في تاريخه الطويل بمثل هذه البلية التي يدعونها المدنية العصرية التي خدرت عقول الناس، وحولت مجرى حياتهم من طريق الخير إلى طريق الشر، وهدمت الحواجز وأطلقت لأهواء النفوس حريتها وقلبت المقاييس الأخلاقية وحررت الغرائز الجنسية وقضت على الوازع الديني في النفوس فأصبح الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كالنافخ في غير ضرم، وقست القلوب فهي كالحجاوة أو أشد قسوة، فهذه البيئة التي بلغت هذه الدرجة من الفساد والفوضى والآنحلال لا يمكن أن تنشئ جيلا صالحا فاضلا يؤدي وظيفته الإنسانية في الحياة، {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015