إننا نؤمن بالفن الذي يتخذ وسيلة لتقويم الأخلاق وتهذيب الطباع وتوجيه السلوك، ونثور على الفن الذي يتخذ ذريعة لتحطيم كيان الأمة الأخلاقي وتقويض بنائها الروحي وتخدير شعورها الديني، ولذا فلا يعتب علينا إخواننا- الذين لهم إرتباط بهذا الفن الإنتفاعي المادي الذي تتلخص رسالته في تهيئة الأجواء الملائمة لانطلاق الغرائز والأهواء من قيودها- لا يعتب علينا إخواننا هؤلاء إذا رأونا نضيق بهذا النوع من الفن الذي يضحي بالأخلاق ولا يعترف بالشرف ولا يقيم للإنسانية أي وزن أو أي حساب إننا اليوم نحتاج إلى أخلاق لا إلى فن "وإنما الأمم الأخلاق" لا الفن، وغيرتنا يجب أن تكون على الأخلاق قبل أن تكون على الفن، لأن الغيرة يجب أن تنبع من منبعها الأصلي لكل شعب، ونحن شعب ندين بالإسلام، ورسالة الإسلام حصرها نبي الإسلام في قوله: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" وإذا أحتجنا إلى فن فيجب أن يكون في الطور الكامل لنمونا وبلوغنا قمة الكمال، والأمة أطوار، فالفن رقة لا قوة، والأمة اليوم تحتاج إلى قوة لا إلى رقة وإلى رجولة لا إلى تخنث، ومعنى ذلك أننا نحتاج إلى أخلاق أكثر من احتياجنا إلى فن، ولو كان هذا الفن الذي نشاهده في مسارحنا مما يشد من أزرنا ويقوي من كياننا ويهذب من أخلاقنا، لاحتجنا إلى السكوت عنه أكثر من أحتياجنا إلى الكلام فيه ولكن- وياللأسف- رأينا فنا يفسد الأخلاق ويثير شهوات الغرائز، ولا يمكن لفن يولد في حضن الاستعمار، ويتربى في بيئة الإباحية والتحرر من قيود الدين والأخلاق، أن يكون غير ذلك، ولكن إخواننا يغفلون عن هذه الحقيقة فلا يفرقون بين مسرح يشرف