الحب

ربما عجب القراء الكرام من إدخال هذا الموضوع- موضوع الحب- بين ما قرؤوه ويقرؤونه في هذه الفصول الدينية الأخلاقية، لأنهم تعودوا أن لا يروا هذه المادة الضرورية للمجتمع وهذا العنصر الأساسي في بناء الأخلاق، إلا في أسواق الخنا وميادين الخلاعة، أو تعودوا أن لا يروا هذا الموضوع الرئيسي يتناول إلا من ناحيته المادية، وربما كانوا معذورين في ذلك، فأكثر الكتاب في أيامنا هذه قلما يكتبون في غير الحب، وهم في كتابتهم عن الحب، لا يتناولونه إلا كجسكر للشهوات الحسية العارمة، وكوسيلة لإغراء الغرائز الجنسية الجامحة، وإفساد النخبة الصالحة من فتياننا وفتياتنا وتخنيثهم وقتل ضمائرهم، فكم من حرمة انتهكت وكم من شرف أهدر، وكم من كرامة امتهنت، باسم هذا الحب وبفضل هذه الأقلام المادية الأدبية، هذه الأقلام التي تبيح لنفسها أن تصل بين شاب وشابة اتصالا ماديا محرما، إن كلمة أدب وكلمة مادة لا تجتمعان أبدا في مدلول، فكيف اجتمعتا فيما يكتب هؤلاء الأنانيون المخنثون الذين يقضون بما يكتبون على رسالة الأدب من حيث لا يعلمون أو من حيث لا يريدون، إن رسالة الأديب المسلم يجب أن تكون فوق كل رسالة فلا يتأثر- بهذا الهراء المادي الرخيص الذي تصدره أروبا التي لا تؤمن برسالة الروح، والذي سرى في المجتمع الإسلامي الروحي سريان الجراثيم الوبائية الفاتكة في الجسم، فكل مجال أدبي (أو مادي أيضا) هو أثر مما في أروبا اليوم، وما بقي لنا خالصا لم نتأثر فيه بأروبا هو في نظرنا جانب نقص، ومتى تغلبنا عليه أو غلبتنا عليه أروبا، فقد استكملنا نهضتنا في رأينا.

على أن هذا اللون الرخيص مما ترشح به أقلام الكتاب المسلمين اليوم، والذي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015