المسؤول الأول

لا أعني بالمسؤول الأول إلا قائد الفوج الأول، وهو المعلم: وقد رأى بعض الإخوان أن حظه من المقال السابق كان ضئيلا، فأردت أن أوفيه حقه في مقال مستقل.

أيها المعلم:

إن منزلتك منزلة قائد الكتيبة الأمامية من الجيش، فإذا انهزمت كان انهزامك

الضربة القاضية، ومن المؤلم أن يعرف الإستعمار لك هذه المنزلة وتجهلها أمتك وتتجاهلها أنت في كثير من الأحيان.

أيها المعلم:

إن الإستعمار يعتبرك أكبر عدو له، لأنك تبني له ما يهدمه، وتعد له من العتاد ما يتضاءل أمامه كل عتاد، وتهيء له من الجنود ما يثبت في وجه العواصف كالأطواد، لذلك فهو يحاربك حربا لا هوادة فيها ويجعل مكانك من قائمة خصومه في أولها، وينظر إلى كتابك الصغير كثكنة عسكرية أو قلعة حربية أو معمل للأسلحة الذرية، وينظر إلى هذه العصافير الصغيرة المرتلة للقرآن بأعذب الألحان، فيشرد لبه، ويذهب رشده، ويطير نومه، لأنه ينظر إلى هذه العصافير الصغيرة بعين المستقبل البعيد وقد استحالت أسودا، واستحال تغريدها زئيرا، واستحالت أقلامها رماحا تطعن الكلى والخواصر، ومحافظها كنائن للسهام النافذة المصمية، أدرك الإستعمار كل هذا وأدرك غير هذا مما تعلمه ومما لا تعلمه، فحاربك قبل كل أحد، وراقبك أكثر من كل أحد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015