السعادة الحقة

لا سعادة كراحة الضمير، واطمئنان النفس اللذين يعقبان القيام بالواجب،

فلا المال ولا العلم ولا الحكم ولا كلها مجتمعة تأتي بالسعادة إذا لم تأت براحة الضمير، واطمئنان النفس، لأن راحة الضمير واطمئنان النفس هما الثمرة لهذه الأشياء كلها، ولا تثمر هذه الأشياء كلها راحه الضمير واطمئنان النفس إلا إذا أدى صاحبها واجبه فيها فإذا أدى العالم واجبه بعلمه ارتاح ضميره واطمأنت نفسه وتلك هي السعادة، وإذا أدى صاحب المال واجبه بماله ارتاح ضميره واطمأنت نفسه وذلك معنى السعادة وإذا أدى صاحب الحكم واجبه بحكمه ارتاح ضميره واطمأنت نفسه وتلك هي السعادة أما إذا كان العالم لم يؤد واجبه بعلمه فلم ينفع به أمته ولم يوقظ به أبناء وطنه ولم يغير به منكرا ولم ينصر به حقا، ولم يؤيد به عاملا مكافحا ولم يبين به حكما ولم يرد به حاكما ظالما عن ظلمه، ولم يتخذه قربة إلى الله، وإنما اتخذه سلما للوظيفة ووسيلة لجلب المال، واستخدام الشعب لمصالحه، وتسيير العامة في أغراضه، فهذا هيهات أن يرتاح ضميره وتطمئن نفسه، بل هو دائما في معركة بينه وبين ضميره ونفسه لا يعرف الهدوء ولا الاستقرار، وذلك هو الشقاء بعينه، وكذلك الحال إذا كان صاحب المال لم يؤد واجبه فيما بسط الله عليه من مال، فلم يطعم جائعا ولم يواس محروما ولم يغث ملهوفا ولم يمهل مدينا ولم يعن مشروعا ولم يجعل ماله وسيلة لإنهاض أمته وتحسين حال أبناء وطنه، وإنما اتخذه وسيلة لشهواته ونزواته، وتملق به الكبراء وأرباب الحكم وأصحاب الجاه الزائف، فهذا لا يرتاح ضميره ولا تطمئن نفسه، وإن تراءى للناس أنه كذلك لأن الخصائص الإنسانية لا تموت وإنما تتغلب عليها الشهوات والأهواء، ومن عدم راحة الضمير وشرد عنه اطمئنان النفس، لم يذق للسعادة طعما، وان ظهر للناس أنه سعيد،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015