لقينى أخى السعيد البيباني بقسنطينة في هذه المناسبة الطيبه (مناسبة تدشين
دار الطلبة) ومعه طفل لم يتجاوز السادسة من عمره، ولما سألته أهو ابنه؟ قال: نعم هذا ابني عبد الحميد طلب إلي أن يصحبني إلى حفلة التدشين ليحظى بسماع صوت الرئيس البشير الإبراهيمي لأنه كان قد سمعني أتحدث بأن حديثا خاصا بهذه المناسبة قد سجل للأستاذ الرئيس في القاهرة لتسمعه الجماهير الوافدة لشهود الحفلة.
إن هذا الخبر شاهد على صدق الشعور الذي انبث في هذه الأمة وتغلغل في أفرادها حتى نبضت به قلوب صبيانها وأعربت عنه ألسنتها.
إن الأطفال لا يعرفون المجاملة ولا يحسنون النفاق فكل ما تنطق به ألسنتهم من هذا القبيل هو الصدق طبيعة وجبلة، وشاهد آخر رآه الناس في يوم قسنطينة العظيم (يوم تدشين دار الطلبة) إذ تجردت نساء تلمسان من حليهن وزينتهن لإعانة هذا المشروع عن رغبة صادقة في الخير وعن طيب خاطر وعن تفان في حب الإصلاح ورفع منزلة الوطن والنهوض بالأمة إلى مستواها الجديرة به بين الأمم.
أماما قابل به أهل قسنطينة ضيوفهم الكرام من الحفاوة والإكرام والتقدير والاحترام، فحدث عن البحر ولا حرج، وإنك لتراهم يتسابقون إلى الضيوف ليفوز كل منهم بعدد كبير يشرف به منزله طوال مدة إقامته، وإنك لتسمع الذين ظفروا ببغيتهم من الحصول على عدد وافر من الضيوف يفاخرون الذين حرموا بغيتهم فلم يظفروا إلا بعدد قليل لا يروى غلتهم إلى البر وحب الخير، أو رجعوا خائبين لم يظفروا بكثير ولا قليل، وإنك لتلمح على هذه الوجوه التي حرمت بغيتها آثار الخيبة والحرمان وتتبين فيها علائم الحزن والحسرة والألم، وإنه ليطربني أن أرى شيوخ المعهد وأعضاء الجمعية في الطليعة