من معاني العيد

ألقيت نظرة على المجتمع الإسلامي في هذا البلد يوم العيد فأحسست بشيء من الغبطة والإبتهاج يغمر نفسي ويهز كياني لأني لمحت على الوجوه وميضا من هذه الغبطة وشعاعا من هذا الابتهاج، وكنت قبل ذلك أرى الكآبة مرتسمة على الوجوه وأتبين العبوس مخيما على الجباة، فعلمت أن معنى من معاني الأخوة الإسلامية التي أقفرت منها البيئة الإسلامية، قد تسرب إلى النفوس، فأحدث فيها هذا التغير المحسوس ثم نقلت قدمي هنا وهناك مطوفا في شوارع العاصمة المزدحمة بالناس، المكتظة بمختلف الأنماط والأجناس، محولا طرفي من وجه إلى وجه، أتفحص وجوه المسلمين من بين الوجوه كلها واستفسر سحناتها من بين السحنات أجمعها، عما تكنه النفوس وتنطوي عليه الضلوع، و (الوجوه مرايا النفوس تضيء بضيائها، وتظلم بظلامها) كما يقول أحد الكتاب المعاصرين، فلم أر إلا البشر تطفح به النفوس وتنضح به الوجوه، ثم تتبعت الأنحاء التي تكثر فيها عادة أشباح البؤس وأنضاء الحرمان والفقر، فلم أجد أي أثر مما كانت تموج به أمثال هذه الأنحاء من مناظر تشمئز منها النفس، وينقبض لها الصدر، وتقذى بها العين، فازددت غبطة وسرورا، ولكني قلت في نفسي: ما الذي يمنع المسلمين- يا ترى- أن يكونوا دائما هكذا كالأسرة الواحدة التي يشترك سائر أعضائها، في نعماء الحياة وبأسائها؟ ومن أولى من المسلمين بأن يكونوا كذلك ونبيهم صلى عليه وسلم يقول: "مثل المؤمنين في تواددهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015