آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} ، وهذا لا يتناوله موضع الخلاف، وذلك أنه قد يجوز أن تأويله: أقدر آدم على أن واضع عليها"1.
فإذا استثنينا رأي هذا العبقري ابن جني الذي سبق إلى القول بوضع اللغة، وبأن وضعها لم يكن في وقت واحد، بل على دفعات؛ إذ تلاحق تابع منها بفارط2، وأنها بدأت بصورتها الصوتية السمعية, فكانت أصل اللغات كلها الأصوات المسموعة3، واستثنينا أيضًا آراء من تابع ابن جني على هذا المذهب السديد، وجدنا أئمة العربية الباقين يكادون يطبقون على أن اللغة إلهام وتوقيف، ويكادون لا يختلفون في تصورهم نشأة اللغة الإنسانية عَمَّا ظلَّ سائدًا في الغرب حتى أواخر القرن السابع عشر في الأوساط الكنسية, إلّا في فرق ضئيل لا يؤبه له: أن لغة الوحي في نظر الإسلام كانت لغة القرآن، علي حين كانت في نظر آباء الكنسية لغة الكتاب المقدس!
ومن أعجب صور التلاقي على صعيد الفكر أن العرب حين غَلَوْا في لغتهم؛ لأنها لغة الوحي، فخصوها بالمناسبة الطبيعية بين ألفاظها ومدلولاتها، نافسهم الغربيون بتخصيص هذه المناسبة بالعبرية؛ لأنها لغة الوحي كذلك، فهبَّ كيشارد صلى الله عليه وسلم. Giichrd, في مطلع القرن السابع عشر يبرز فكرة التناسق الصوتي في اللغات المتفرعة من العبرية4.
وكان لـ "ليبنز Leibiz" الفضل في مقاومة هذا التفكير الأسطوري الذي يبدأ بافتراض الرأي, وينتهي سريعًا إلى التسليم به، ثم إلى فرضه