هذه اللغة بأنسابها مثلها يحتفظ العرب بأنسابهم؛ "فالألفاظ العربية كالعرب أنفسهم، تتجمع في قبائل وأسر معروفة الأنساب، وتحمل هذه الألفاظ دومًا دليل معناها وأصلها وميسم نسبها, وذلك في الحروف الثلاثة الأصلية التي تدور مع ما يتولد عنها ويشتق منها من ألفاظ"1
وإنَّ في تجمع الألفاظ العربية في أصل واحد ينتظم فروعها لما يسهل على الباحث التمييز بين الأصيل والدخيل, فليس في العربية مادة "سردق" حتى نظن "السرادق" مشتقًّا منها. ولا مادة "سبرق" حتى نحسب "الإستبرق" متفرعًا عنها، ولا "سندس" حتى نخال "السندس" مقيسًا عليها، بل "السرادق" فارسي معرب, أصله "سرادار " وهو الدهليز، وليس في كلامهم اسم مفرد ثالثه ألف وبعدها حرفان2، و"الإستبرق" الديباج الغليظ، وهو بلغة العجم "استَفْرَه", وممن صرح بأنه بالفارسية أبو عبيد وأبو حاتم وآخرون3، ومن أعجب العجب أن ينقب بعض اللغوين عن أصل عربي لهذا اللفظ، منكرًا تعريبه لنزول القرآن به، فإذا بالجوهري يذكره تارةً في الباء من القاف، في مادة "ب ر ق" على أن الهمزة والتاء والسين من الزوائد، وتارةً في السين والراء. بينما يذكره الأزهريّ في خماسي القاف، على أن همزته وحدها زائدة, ويرى في مثله نمطًا خاصًّا من الألفاظ التي وقع فيها وفاق بين العجمية والعربية، ثم يقول: "هذا عندي هو الصواب"4.