وليس هذا من الصواب في شيء, فالتردد في رجعة هذا اللفظ إلى مواد متباينة كل التباين، والتكلف في التماس أصله بأي سبيل، والتضارب في الآراء المعزوة إلى العلماء بين تأييد لأعجمية اللفظ وإنكار لها، كل ذلك دليل لا ريب فيه على أن "الإستبرق" ليست خالصة العربية، وأن القرآن بنزوله بها عربها، ونقلها من عجمة فارس إلى لسانه المبين.

وقل مثل ذلك في "السندس"، فهو رقيق الديباج، ولم يختلف أهل اللغة في أنه معرب1, وإنما اختلفوا في اللغة التي عُرِّبَ عنها، أهي الفارسي كما قال الثعالبي2، أم الهندية كما قال شيذالة3.

ولقد أبى بعض اللغويين أن يستخدموا الاشتقاق وسيلة للتمييز بين الأصل والدخيل، فعطلوا هذه الوسيلة الرائعة وأبطلوها بجنوحهم إلى عربية كل لفظ أعجمي ما دام القرآن قد نزل به, وذلك جمود يبرأ منه القرآن الذي أذهب عجمة الكثير من الألفاظ باشتماله عليها, فإن يقل ابن دريد: "والفردسة السعة, صدر مفردس: واسع" ليستنتج من ذلك أن اشتقاق الفردوس من هناء جاء4، ولا يخفَ على ذي بصر أنما أخذ ابن دريد بهذا دفاعًا عن لغة القرآن الذي ذكر الفردوس, كأنما يغضّ ذكره لها من فصاحته وبيانه!

والحق أن هذا غلوّ خرج فيه القوم عل ما أخذو به أنفسهم من التشدد في الاشتقاق من الأعجمي، إذ جعلوا مثل هذا الأخذ بمنزلة من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015