النفس تسكن إليها1، و"العُرْف" وهو المعروف؛ لأن النفوس تسكن إليه، و"تعريف" الضالة واللقطة ليعرف صاحبها، و"الاعتراف" بالشيء كأنه معرفة له وإقرار به، فإنه تكلف ما وسعه التكلف حتى وجد على الأصل الأول "تتابع الشيؤ متصلًا بعضه ببعض" شاهدًا في "عُرْف" الفرس الذي سُمِّيَ بذلك لتتابع الشعر عليه، وفي مجيء القطا "عُرْفًا عُرْفًا": بعضها خلف بعض؛ وردَّ إلى عُرْفِ الفرس "العُرْفَة" وهي الأرض المنقادة المرتفعة بين سهلتين.
ولو أنصف لردَّ الأصل الأول إلى الثاني، مستبدلًا بلازم الثاني ملزمومه، وبدلالته المعنوية المجازية دلالته الحسية الحقيقية، فمعنى السكون والطمانينة في العِرْفَان والمعْرِفَة والعَرْف المشموم, والعُرْف بين الله والناس ليس إلّا نتيجةً لانكشاف الشيء وظهوره، تنشأ عنه نشوء الإلزم عن ملزومه2. وليس من المنطق في شيء أن يضع المتكلم لفظًا يدل على نتيجة الشيء قبل مقدمته، ومجازه قبل حقيقته، ولازمه قبل ملزومه.
وحين نعيد مادة "عرف" إلى انكشاف الشيء وظهوره لا إلى أصل السكون والطمأنينية، يصعب علينا أن نربط بين عُرْف الفرس وعُرْفَة الأرض, ومجيء القطا عُرْفًا -لما فيها جميعًا من البروز والظهور- وبين ما في عرفان الشيء وتعريفه والمعروف والعَرْف الطيب من معنى البروز والظهور أيضًا.
وإمكان الرجعة بالفروع المختلفة -مهما تتعدد صيغها- إلى أصل واحد يوحي بالرابط المشترك بينها، أمر في العربية ذو بالٍ يؤكد اختفاظ