اضطرابا في الرواية العربية بين "حجر" الذي دفن ببطن عاقل1، وبين حفيده الحارث.

وأيا ما كان الصواب في موت الحارث الكندي، فمما لا شك فيه أن ذلك المصير التعس الذي لقيه الرجل، ومن أسر من أهل بيته، إنما كان ضربة في الصميم وجهت إلى دولة كندة، وسرعان ما دب الشقاق فيها، فانحلت عراها بعد أن قتل أبناء الحارث واحدا بعد الآخر، وعاد إلى حضرموت من أهل كندة، هؤلاء الذين هاجروا من قبل إلى وسط شبه الجزيرة العربية.

ويبدو أن المنذر اللخمي لم يرضه ما ناله من بني الحارث الكندي، ولم يقتنع بما آل إليه أمرهم بعد موت أبيهم، إذ تفرقت كلمتهم، ومشت الرجال بينهم، وتفاقم أمرهم حتى جمع كل واحد منهم لصاحبه الجموع، وزحف إليه بالجيوش، وكان المنذر من وراء ذلك كله، حتى أنه وجه إلى "سلمه" بهدايا، ثم دس إلى "شرحبيل" من قال له: "إن سلمة أكبر منك، وهذه الهدايا تأتيه من المنذر"، وما زال المنذر يغري كل واحد منهما بمحاربة الآخر، حتى نشبت الحرب بينهما، في يوم عرف بين العرب "بيوم الكلاب الأول"، أعلن كل فيه من الأخوين عن جائزة مقدارها مائة من الإبل لمن يأتيه براس أخيه، وكان يوما عصيبا اشتدت فيه الحرب حتى آخر النهار، وانتهى بقتل "شرحبيل"2.

ويذهب الرواة إلى أن "سلمة" سرعان ما أخرجه بنو تغلب من بينهم، فلجأ إلى بني بكر بن وائل، ثم انضم بنو تغلب إلى المنذر اللخمي، الذي بذل الجهد -كل الجهد- لطرد سلمه من ديار بني بكر، وانضوائهم تحت لوائه، إلا أن جهوده ذهبت أدراج الرياح، ومن ثم فقد مصمم على غزوهم، بل وذبحهم -إذ ظفر بهم- على قمة أوارة، حتى يبلغ دمهم سفح الجبل، وهكذا كان "يوم أوارة الأول"، حيث اقتتل الفريقان قتالا شديدا، وانتهت المعركة بهزيمة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015