أمراؤهم شيعًا وأحزابًا، وحاول الروم أن يجدوا لهم بديلا في القبائل العربية، لإعادة الأمن وحماية الحدود من عرب الحيرة، ولكن دون جدوى1، حتى استطاع الفرس على أيام "كسرى أبرويز" "590-628م" غزو سورية "611-614م" فاستولوا على أنطاكية ودمشق وبيت المقدس وخلقدونية -في مقابل القسطنطينية بآسيا الصغرى- ثم فتحوا مصر في عام 619م، وإن كان، فيما يبدو، أن هرقل "610-641م" حين نجح في استعادة سورية عام 629م، ربما استعمل الغساسنة مرة أخرى، بدليل أنهم قد حاربوا المسلمين مرارا في جانب الروم، وأن خالد بن الوليد قد أوقع بهم في "مرج الصفر" جنوب دمشق، عام 634م2.
وأيا ما كان الأمر، فإن الروايات العربية تنظر إلى "جبلة بن الأيهم" على أنه آخر الغساسنة، وأنه قد حارب المسلمين في جانب الروم في موقعة اليرموك عام 636م، على أن رواية أخرى إنما تذهب إلى أنه قد انحاز إلى جانب الأنصار، قائلا "أنتم إخوتنا، وبنو أبينا"، وأظهر الإسلام3، إلا أنه قد ارتد بعد ذلك بسبب إهانة لحقته، حين وطئ أعرابي من فزارة فضل إزاره، وهو يسحبه في الأرض بمكة، فلطمه جبلة، ومن ثم فقد نابذه الأعرابي إلى الخليفة الراشد "عمر بن الخطاب" -رضي الله عنه وأرضاه- فحكم له بالقصاص، واعتبر "جبلة" ذلك إهانة له، ففر إلى بلاد الروم وارتد عن الإسلام، وبقي هناك حتى وافته منيته4.
على أن رواية أخرى إنما تذهب إلى أن الحادث إنما كان في دمشق- وليس في مكة- وأنه كان عندما مر جبلة في سوقها فأوطأ رجلا فرسه، فوثب الرجل فلطمه،