ويضطر الإمبراطور الروماني في عام 578م، إلى عقد صلح مع المنذر في الرصافة، وهناك ما يشير إلى أن ملك غسان قد قام بعدة إصلاحات في الرصافة، كما بنى أو جدد كنيستها1، كما قام في عام 580م، بزيارة القسطنطينية، حيث استقبله "تيبيريوس" الثاني "578-582م" استقبالا حافلا، فضلا عن الإنعام عليه بالهدايا وعلى ولديه برتب عسكرية، إلا أن أعظم المنح إنما كان "التاج" بدل "الإكليل"، الأمر الذي لم يسبق له مثيل مع ملوك الغساسنة، حتى أطلق عليه مؤرخو الروم "المنذر ملك العرب"2.

على أن العلاقات بين المنذر والروم، سرعان ما بدأت تسوء من جديد، وربما كان السبب هذه المرة فشل المحاولة اليت قام بها الروم لغزو الفرس، بسبب هدم الجسر المنصوب على الفرات، واتهما المنذر بذلك، وزاد الطين بلة أن المنذر أراد استرضاء الروم فأغار على الحيرة وأحرقها بالنار، ثم عاد محملا بالغنائم الكثيرة، غير أن هذا النجاح الساحق الذي حققه المنذر على اللخميين لم يمح ريبة الروم في ولائه لهم، وإنما اعتبروه تحديا لهم، ورغبة منه في الخروج على طاعتهم، ومن ثم فقد انتهزوا فرصة تدشينه لكنيسة في حوارين، وقبضوا عليه وأرسلوه مخفورا إلى العاصمة البيزنطية، مع إحدى نسائه وبعض بناته وأولاده، حيث بقي هناك، إلى أن تولى "موريس" "582-602م" العرش، فأمر بنفيه إلى صقلية في عام 582م، فلا عن قطع المعونة السنوية عن آل جفنة3.

وقد أدى هذا التصرف من جانب البيزنطيين، إلى ثورة أبناء المنذر، وأخذوا يهاجمون حدود الروم بقيادة "النعمان" الذي خدع حوالي عام 584م- كما خدع أبوه من قبل- فأرسل إلى القسطنطينية، وهكذا تصدع ملك الغساسنة، وانقسم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015