على أن "نولدكه" إنما يرى أن "جستنيان" لم يمنح الحارث بن جبلة لقب "ملك" فذلك لقب كان مقصورا على أباطرة الروم، وإنما منحه في عام 529م، لقب "بطريق" "Patricius" أو لقب "شيخ قبيلة" "فيلارخ Phiarch" ثم ترجم العرب -وكذا السريان- هذا اللقب بمعنى "ملك"1، هذا ونعرف من نقش "جلازر 618"2 أن أبرهة الحبشي لم يسبغ على الحارث بن جبلة في هذا النقش لقب ملك، مما يدل على أن الرجل لم يكن يحمل لقب "ملك" بصفة رسمية، وأن الملوك من تلك الفترة لم يكونوا يعدونه واحدا منهم، وعلى أية حال، فإن الحارث بن جبلة كان أول أمراء بني غسان الذين حملوا اللقبين "بطريق وفيلارخ" معا، ثم توارثهما الأبناء عن الآباء فيما بعد3.
هذا ويرى "ملالا" أن الحارث قد أخمد ثورة في فلسطين قام بها السامريون في عام 529م4، وهم من بقايا الإسرائيليين الذين بقوا في السامرة -عاصمة إسرائيل- بعد الأسر الأشوري في عام 722ق. م، ثم اختلطوا بالمهجرين الجدد الذين أتى بهم سرجون الثاني "722-705ق. م"، من بلاد بعيدة، ومن ثم فقد ظهر جنس جديد، هم السامريون، الذين يختلفون عن اليهود دما، وإن كانوا أقرب إليهم من غيرهم ثقافة ودينا5، غير أنهم رغم اتفاقهم مع اليهود في عبادة "يهوه"، إلا أن شقاقا قد حدث بين الفريقين حوالي عام 432ق. م، بعد عودة "عزرا" و"نحميا" من السبي البابلي، بسبب النقاوة العنصرية لليهود، ومن ثم فقد أصبح