الفرس، إلا أن الملكة العربية سرعان ما اكتشفت السر، ومن ثم فقد دارت بين الفريقين معركة حامية الوطيس، كتب النصر فيها للزباء، وحاقت الهزيمة بالروم1، وفي نفس الوقت، فإن الملكة قد خافت أن يستغل الفرس الفرصة، فيوجهوا إليها ضربة قد تكون غير مستعدة لها، ومن ثم فقد أنشأت حصنا على الفرات، دعته "زنوبيا" "Zenobia" نسبة إليها2.
وأخيرا بدأت الزباء ترنو بناظريها نحو أرض الكنانة -تلك الأرض الخصبة الآهلة بالسكان، وذات التاريخ المجيد، والثقافة العريقة- بعد أن أذاعت- إن صدقا أو كذاب- أنها مصرية من نسل كليوبترا، وجاءتها الفرصة ممثلة في مقتل "جالينو" عام 268م، وتولية "كلوديوس" "268-270م" خلفا له، وفي نفس الوقت كان الألمان والقوط قد بدءوا بهاجمون القسم الغربي من الإمبراطورية الرومانية، مما دفع "بروبوس" -الحاكم الروماني في مصر- إلى أن يخرج بأسطول الإسكندرية لمطاردة القوط، وهنا بدا الزعماء المصريون -وعلى رأسهم تيماجنيس وفرموس- يحرضون الزباء على فتح مصر، بل ويقدمون لها العون المادي على هذا الفتح.
وهكذا تحرك "زبدا" -قائد جيش الزباء، على راس حملة، قوامها سبعون ألف رجل- إلى مصر، وهناك دارت معركة رهيبة بين الفريقين، انتهت بنصر مبين لجيش زنوبيا، وهزيمة ساحقة لجيوش الرومان، وضم مصر إلى دولة الزباء، ولكن ما أن يمضي حين من الدهر، حتى يعود "زبداط بجيشه إلى تدمر، تاركا الأمور بيد "تيماجنيس" ومع فرقة صغيرة لا يتجاوز عددها خمسة آلاف جندي، وفي نفس الوقت كان "بروبوس" قد علم بما حدث، فأسرع عائدا إلى مصر، وأخذ يتعقب الجنود التدمريين، ويطاردهم في كل مكان، وتعلم الزباء بالتطورات الجديدة، فتأمر "زبدا" بالعودة إلى مصر، حيث يشتبك الرومان والتدمريون في معارك ضارية، يلعب فيها عرب مصر من سكان المناطق الشرقية، فضلا عن