ومن ثم فقد استدعت إلى عاصمتها المشاهير من رجال الفكر، وذهبت روايات أخرى إلى أنها سمحت لجالية يهودية بالإقامة في عاصمتها، وأن هذه الجالية قد جاءت إلى تدمر بعد تدمير بيت المقدس على يد "تيتوس" في عام 70م، وأنها قد بلغت حوالي نصف سكان المدينة، بل إن القديس "أثناسيوس" والمؤرخ "فوتيوس" إنما يذهبان إلى أن الزباء نفسها قد اعتنقت اليهودية، وإن لم تسمح بإقامة معابد يهودية في تدمر1، غير إن هناك ما يشير إلى أن اليهود ربما قد اضطهدوا على أيامها، حتى أن واحدا من أحبار عصرها يقول "مخلد وسعيد من يدرك نهاية أيام تدمر"2.

ومن عجب أن هذه الآراء المتضاربة، إنما تذهب كذلك إلى أن الذي هود الزباء، إنما كان الأسقف "بولس السميساطي" ولست أدري كيف يهود أسقف مسيحي الزباء، أما كان الأولى أن ينصرها؟ ومن ثم فإن التحيز- فضلا عن الاضطراب- في هذه الرواية، لا يحتاج إلى إثبات، وربما كان السبب أن هذا الأسقف المسيحي قد أبدى رأيه في "الثالوث" بما لا يتفق وآراء الكنيسة وقت ذاك، ومن ثم فقد حكم عليه في أنطاكية عام 269م بالعزل من الأسقفية، وعلى أي حال، فهناك الكثير من الشواهد التي تدل على أن اليهود إنما كانوا ناقمين على المملكة وعلى الدولة كذلك، ربما بسبب أذينة ضد الفرس؛ ذلك لأن الزواج المختلط إنما نتج عنه جيل جديد أضاع الدين والتقاليد الإسرائيلية، وأن الحروب ضد الفرس قد ألحقت ضررا كبيرا بالجاليات اليهودية التي كانت تسكن شواطئ الفرات، ومعظمها من التجار الذين كانوا يتاجرون مع الفرس والروم، وبين العراق والشام3.

هذا، وقد حرص فريق آخر على أن يجعل الزباء نصرانية، وإن ذهب فريق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015