جزاء وفاقا على جرأته على مخاطبة ملك الملوك "شاهنشاه إيران وأنيران، أي ملك ملوك إيران وغير إيران"، وهو لا يعدو أن يكون شيخا لمدينة صغيرة في بيداء قاحلة، لا أهمية لها ولا نفع منها1.
وكان هذا التصرف الأحمق من ملك الفرس، سببا في أن يجمع أذينة القبائل بظاهر تدمر تحت إمرة ولده "هيرودوس"، والفرسان تحت قيادة "زيدا"، والقواسة ورماة السهام تحت قيادة "زباي"، وأن يضمم إلى أولئك وهؤلاء فلول جيش "فالريان"، وأن يخرج بكل هذه الجموع إلى "المدائن" للانتقام من "سابور"، ولإنقاذ "فالريان" من الأسر، وهناك على ضفاف الفرات تدور رحى الحرب بين أذينة والفرس، وتنتهي المعركة الضارية بهزيمة منكرة للفرس، يصل مداها إلى أن يترك "سابور" حريمه وأمواله غنيمة في أيد التدمريين، وأن يفر بالبقية الباقية من فلول جيشه إلى ما وراء الفرات ثم لا تستطيع هذه البقية أن تعبر النهر إلا بشق الأنفس وإلا بعد خسائر فادحة في الأرواح، بل وتذهب بعض الروايات إلى أن "أذينة" قد طارد المهزومين حتى أسوار عاصمتهم "اصطخر"2 -التي خلفت مدينة "برسيبوبوليس" القديمة- وإن لم ينجح في فك أسر الإمبراطور السجين، ولكنه استولى على الكوخ ونصيبين، بل وامتد نفوذه إلى الشام، وبعض أقاليم آسيا الصغرى الرومية3.
ويكتب "أذينة" إلى الإمبراطور الروماني الجديد "جالينيو" "260-268م" بن فالربان، بكل هذه الأحداث، فيطرب الأخير لسماع هذه الأخبار، ويطلب من أذينة الاستمرار في الحرب، حتى ينقذ "فالريان"، ثم ينعم عليه في عام 262م بلقب "زعيم الشرق" "عز وجلux Orientis"، مما جعله أشبه بنائب الإمبراطور