القرن الأول والثاني بعد الميلاد، حتى إذا كان معظم سكان وادي القرى إلى يثرب من يهود1.
وأما الدين اللحياني، فهو دين عربي جنوبي، كما يتبين من أسماء الآلهة وأسماء الأفراد، ومن ثم فإننا نجد إلى جانب الأسماء السامية المشتركة لبعض المعبودات -مثل "إل" أسماء آلهة سامية جنوبية مثل "ود وسميع ونسر ومناة"، أما كبير الآلهة اللحيانية فهو "ذو غابت"، وقد كان له معبد عثر على أنقاضه في خرائب المدينة، كما عثر على اسم إله آخر هو "سلمان" الذي كان يكنى "أبا إيلاف"، وهو إله القوافل التي كان يتولى حمايتها وحراستها في ذهابها وإيابها، وهناك كذلك الإله "كاتب"، والذي يرى فيه "كاسكل" الإله المقابل للإله "تحوت"، إله الكتابة والحكمة عند المصريين القدامى2.
وعلى أي حال، فلقد انتهت دولة اللحيانيين في فترة لا نعرفها على وجه التحقيق، بل لا نعرف كذلك كيف انتهت، ومن الذي قضى عليها، وإلى أين ذهب اللحيانيون بعد سقوط دولتهم، فربما عاد معظمهم إلى البادية، واندمج في قبائلها3، وربما اتجه فريق منهم -كما تذكر المصادر العربية- إلى العراق، وتركزوا في الحيرة، ومن هنا رأى البعض أن "أوس بن قلام" منهم، وأنه حكم الحيرة حينا من الدهر4، وربما بقوا في نفس منطقتهم، كما نفهم من الأحداث التي جرت عند ظهور الإسلام.
ويروي الأخباريون أن القوم من "بني لحيان بن هذيل بن مدركة بن الياس بن مضر"، فهم عدنانيون، كانوا ينزلون في شمال شرقي مكة، ويبدو أنهم لم يكونوا من القبائل القوية عند ظهور الإسلام5.
وتروي المصادر العربية أن اللحيانيين كانوا على خلاف مع الرسول -صلى الله