إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} 1، ويقول: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى، وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى، أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى، تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى} 2، هذا فضلا عن أن القرآن الكريم إنما يشير إلى أن ملكة سبأ وقومها، إنما كانوا {يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ} 3.
هذا إلى جانب ذكر القرآن لحياة العرب في الجاهلية ومثلهم، وما كانوا يقومون به -ولو شرًّا باطلا- فضلا عما في كتب التفسير والحديث والسير والأخبار، من أوصاف لبعض أصنام الجاهلية وهيآتها وشكل محجاتها وأوقات الحج إليها4، ثم ألم يتعرض الإسلام إلى عرف العرب وتقاليدهم في الجاهلية، فأقرَّ بعضًا، وأنكر بعضًا، وعدل بعضًا5.
ثم ألم يكن للصديق -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه وَأَرْضَاهُ- علمٌ بأنساب كل قبيلة، ومحامد السابقين منها ومسالبهم، ولا سيما قريش ومن جاورها، ولهذا كانوا يقولون كلما سمعوا أبياتًا من الشعراء المسلمين يردون بها الهجاء على المشركين "هذا تلقين ابن أبي قحافة"، لأنه كان في هذا العلم بين قريش عامة بغير نظير.
ثم ألم يكن الفاروق -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه وَأَرْضَاهُ- من العالمين بالشعر، والحافظين له، البصيرين به، ثم أليس عمرُ هو القائل "عليكم بديوانكم لا تضلوا، قالوا: وما ديواننا، قال: شعر الجاهلية، فإن فيه تفسير كتابكم، ومعاني كلامكم6".