أراحوا الكتاب من كتابة كل حرف على حدة، ومن وضع خطوط رأسية، أو نقط لتحديد حدود كل كلمة، أو ترك مسافات بيضاء بين كل كلمة وأخرى، وعنهم أخذ العرب الكتابة التي ما زلنا نستعملها إلى اليوم1 -كما أشرنا آنفًا-.
على أن هناك من يرى أن الألفاظ العربية التي وجدت في الآرامية النبطية، فضلا عن تشابه الأسماء بين العرب والنبط، إنما كان من أثر الاختلاط بينهما بسبب السكنى والجوار، وليس بسبب روابط جنسية بين الفريقين، ومن ثم فإن الأنباط إنما هم أراميون بالعرب وتأثروا بهم، أو على الأقل، إنما هم أراميون استعربوا بعد حين من الدهر2.
وعلى أي حال، فإن أقدم معلوماتنا عن النبط، مصدرها مؤلفو العصر الهليستي، ومنهم "ديودور" و"استرابو"، وقد أخذ الأخبر معلوماته عن "أثينودورس"، ذلك الفيلسوف الذي ولد وعاش بين النبط3، هذا وقد اصطدم الأنباط باليهود مرارا، ولهذا يحدثنا المؤرخ اليهودي "يوسف بن متى" عنهم كثيرًا، وقد كان الأنباط -فيما يرى- يسكنون منطقة واسعة تمتد من نهر الفرات، فتتاخم بلاد الشام حتى تنزل إلى البحر الأحمر4، كما أنه يرى- وكذا سان جيروم "345-420م"- أن هناك صلة بين اسم "نبايوت" بن إسماعيل، وبين اسم النبط5، غير أن يوسف اليهودي لم يهتم بتاريخ الأنباط، إلا إذا كان هذا التاريخ له علاقة بتاريخ قومه اليهود6.
هذا وقد ترك لنا الأنباط كتابات كثيرة في مواضع متفرقة- كالبتراء والحجر والعلا وتيماء وخيبر، وفي صيدا ودمشق، فضلا عن أماكن أخرى في حوران