إليه من المصادر العربية، من وجود قرابة بين القرشيين من ناحية، وبين الأنباط من ناحية أخرى.

ويرى الأستاذ العقاد -طيب الله ثراه- أن مباحث اللغة إنما تقدم لنا البينة الكبرى على قرابة النبطيين لأهل الحجاز؛ ذلك لأن لغة الحجاز لم تتطور من اللغة اليمنية مباشرة، وإنما جاء التطور من العربية القديمة إلى الآشورية إلى الآرامية إلى النبطية إلى القرشية، فتقارب لغة النبط ولغة قريش من هذا السبيل، وكان التقارب بينهما في الزمان والمكان، أو في درجات التطور، ولم يكن تقاربا يقاس بالفراسخ والأميال، وكانت هذه هي البينة الكبرى من مباحث اللغة على قرابة أهل الحجاز من النبطيين، ولم تكن هذه القرابة من اختراع النسابين أو فقهاء الإسلام، ولكنها كانت قرابة الواقع التي حفظتها أسانيد اللغة والثقافة، واستخرجتها من حجارة الأحافير والكشوف الحديثة1.

هذا وقد أشار من قبل "مارتن شبر نجلنج" إلى ظاهرة انتقال الكتابة النبطية من منطقة مدين إلى الحجاز، وإلى تطور الخط العربي عن الخط النبطي2، ومن ثم فإن الكتابة التي نكتب بها اليوم، إنما هي كتابة متطورة عن الخط النبطي، وهذا بدوره متطور عن الخط الآرامي، الذي استعمل في شمال شبه الجزيرة العربية منذ حوالي القرن الثالث قبل الميلاد، وقد كان منذ القرن السادس قبل الميلاد، خط كثير من دول الشرق الأدنى القديم3، وأما أقدم نص عربي وصلنا بالخط النبطي، فهو "نقش النمارة"، الذي يرجع إلى عام 328م، وقد سبق لنا مناقشته بالتفصيل من قبل.

وعلى أي حال، فلقد أخذ النبط الأبجدية التي تلقاها الآراميون عن الفينقيين، ثم طوروها وحولوها من كتابة منفصلة الحروف، إلى كتابة متصلة الحروف، وبهذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015