وسار بها إلى مكة فطاف بها حول البيت، ثم أنزلها حول الطائف1 ... إلى غير ذلك من أساطير لا تقدم نفعًا، ولا تفيد علمًا.
هذا وهناك من يزعم أن أول من سكن الطائف إنما هم العماليق، ثم غلبهم عليها بنو عدوان من قيس ين عيلان، ثم بنو عامر بن صعصعة، ثم أخذتها منهم ثقيف2، ورغم آخرون أن الذين سكنوا الطائف بعد العماليق، إنما هم قوم ثمود قبل ارتحالهم إلى وادي القرى، ومن ثم فقد ربط أصحاب هذه الرواية نسب ثقيف بالثموديين الذين نسبوهم إلى جد أعلى هو "قسي بن منبه"، الذي يجعله بعضهم من "إياد" بينما يجعله البعض الآخر من "هوزان"3.
وأما أهم معبودات الطائف في الجاهلية، فقد كانت "اللات"- الأمر الذي سوف نناقشه في كتابنا عن "الحضارة العربية القديمة"- وقد هدمها "المغيرة بن شعبة" بعد أن اعتنق أهل الطائف الإسلام، وأعطى أموالها وحليها لأبي سفيان بن حرب4، ويختلف أهل الطائف عن أهل مكة وعن الأعراب، من حيث ميلهم إلى الزراعة والاشتغال بها، وعنايتهم بغرس الأشجار المثمرة التي كانوا دائمي السعي إلى تحسين أنواعها وجلب أنواع جديدة منها، كما كان لهم خبرة ومهارة بالأمور العسكرية، الأمر الذي ظهر واضحًا إبان محاصرة الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لمدينتهم وتحصنهم بسورها، هذا إلى جانب ميل إلى الحرف اليدوية كالدباغة والنجارة والحدادة، وهي أمور مستهجنة في نظر العربي5.