وهكذا نشأ علم التفسير لفهم القرآن وتدبره، ولتبيان ما أوجز فيه، أو ما أشير إليه إشارات غامضة، أو لما غمض علينا من تشابيهه واستعاراته، وألفاظه أو لشرح أحكامه1، وقد نشأ علم التفسير هذا في عصر الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- فكان النبي أول المفسرين له، ثم تابعه أصحابه من بعده2، على أساس أنهم الواقفون على أسراره، المهتدون بهدي النبي -عليه الصلاة والسلام3- ولعل أشهر المفسرين من الصحابة الإمام علي- كرم الله وجهه ورَضِيَ اللَّهُ عَنْه- وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن مسعود4.

وفي عصر التابعين تضخم التفسير بالإسرائيليات والنصرانيات، لسبب أو لآخر5 مما دفع الإمام أحمد بن حنبل إلى أن يقول كلمته المشهورة: "ثلاثة ليس لها أصل، التفسير والملاحم والمغازي" أي ليس لها إسناد، لأن الغالب عليها المراسيل6، وإلى أن يقول الإمام ابن تيمية: "والموضوعات في كتب التفسير كثيرة"7.

ومع ذلك، ورغم هذه الشوائب، فالذي لا شك فيه أن كتب التفسير تحتوي على ثروة تاريخية قيمة، تفيد المؤرخ في تدوين التاريخ العربي القديم، وتشرح ما جاء مجملا في القرآن العظيم، وتبسط ما كان عالقًا بأذهان الناس عن الأيام التي سبقت عصر الإسلام، وتحكي ما سمعوه عن القبائل العربية البائدة، التي ذكرت على وجه الإجمال في القرآن الكريم، وما ورد عندهم من أحكام وآراء ومعتقدات8.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015