يزن" إلى الحيرة والتجأ إلى ملكها "عمرو بن هند" بعد أن انتزع منه أبرهة زوجه "ريحانة بنت علقمة" وأم ولده "سيف" هذا، ثم أولدها أبرهة ولده "مسروق" وابنته "بسباسة"1.
وتذهب بعض الروايات إلى أن "سيفًا" هذا، إنما قد توجه أول الأمر إلى "بيزنطة"، وحاول عبثًا إقناع قيصرها إرسال حملة تقاتل إلى جانب اليمنيين، الذين يبغون تحرير بلادهم من سيطرة الأحباش، وفي التقاليد المنقولة أن سيفًا إنما أخفق في الحصول على عون من القسطنطينية ضد الحبشة، لما يربط القيصر بحلفائه الأحباش من علاقات سياسية واقتصادية، فضلا عن الروابط الدينية، حتى أن المسعودي ليروي أنه رده قائلا: "أنتم يهود، والحبشة نصارى، وليس في الديانة أن ننصر المخالف على الموافق"، ثم إن مناصرة العناصر الوطنية في اليمن لن تزيد القيصر على ما كان يلقاه من امتيازات في اليمن، امتيازات أخرى2.
وهكذا فشل "سيف بن ذي يزن" في أن يحصل على أي عون من الإمبراطورية الرومانية، ومن ثم فقد اتجه إلى فارس لتشد أزره، أسوة بمناصرة الروم للأحباش، ويبدو أنه لجأ إلى النعمان بن المنذر حاكم الحيرة حتى يقدمه إلى "كسرى أنوشروان" "531-589م"، على رواية، أو أنه اتصل به مباشرة بناء على وعد سابق لأبيه بالمساعدة، على رواية أخرى، وأيًّا ما كان الأمر، فإن كسرى قد شق عليه أن يضحي بأبناء فارس، ويطعمهم لرمال الصحراء القاسية، ومن ثم فقد قال له: "بعدت بلادك عنا وقل خيرها، والمسلك إليها وعر، ولست أغرر بجيشي"، وأمر له بمال، فخرج "سيف" وجعل ينثر الدراهم فانتهبها الناس فسمع كسرى، وعندئذ سأله عما حمله على ذلك، فقال: لم آتك للمال، وإنم جئتك للرجال، ولتمنعني من الذل والهوان، وإن جبال بلادي ذهب وفضة"، فأعجب كسرى بقوله، وقال: "يظن المسكين أنه أعرف ببلاده مني"3.