الحديث هو ما ورد عن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من قول أو فعل أو تقرير1، وللحديث مكانة كبرى في الدين تلي مرتبة القرآن الكريم مباشرة، وصدق رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- حيث يقول: "تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما بعدي أبدًا، كتاب الله وسنتي" 2، والحديث الشريف مفسر للقرآن الكريم، ذلك أن كثيرًا من آيات الذكر الحكيم مجملة أو مطلقة أو عامة، فجاء رسول الله -صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَلَيْهِ- فبينها أو قيدها أو خصصها3، قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} 4. وقال تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} 5، ومن هنا كان الحديث الشريف هو المصدر الثاني للشريعة الإسلامية، ثم هو أصدق المصادر التاريخية- بعد القرآن الكريم- لمعرفة التاريخ العربي القديم في عصوره القريبة من الإسلام بالذات6.
وليس من شك في أن كتب الحديث7 وشروحها- رغم أنها مصدر فقهي أكثر منه تاريخي8 -مورد غني من الموارد الأساسية لتدوين أخبار الجاهلية فيما قبيل الإسلام، على أن الغريب من الأمر أن مؤرخي تلك الفترة قد تجاهلوا هذا المنهل الغزير، وبخاصة فيما يتصل بتاريخ عرب الحجاز، إلى حد كبير، ومن ثم فقد خسروا واحدًا من أهم وأصدق مصادر التاريخ العربي القديم.