مرة ثانية، وهنا يروي الأخباريون حديثا نسبوه -عن طريق أبي هريرة- إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يقول فيه: "لا تسبوا أسعد الحميري، فإنه أول من كسا الكعبة"1، ثم وصفوه بعد ذلك بأنه كان ملكًا عظيمًا، شاعرا فصيحًا، عارفا بالنجوم، وهو أحد المعمرين، عمر ثلاثمائة وإحدى وخمسين سنة، وكان ملكه ثلاثمائة وستة وعشرين سنة، وكان مؤمنا بالله2.

وليس من شك في أن رواء هذا القصص، وغيره من أساطير تمتلئ بها الكتب العربية، كعب الأحبار ووهب بن منبه، وغيرهما من مسلمة أهل الكتاب، وهنا لعل سائلا يتساءل: أكان "تبع" هذا يقول الشعر بلغة قريش، ونحن نعرف -من دراستنا للنصوص القديمة- أنها تختلف كثيرًا عن لغة حمير، حتى ذهب الأمر بعلماء العربية في الإسلام إلى إخراج الحميرية واللهجات العربية الأخرى من العربية، التي جعلوها مقصورة على العربية التي نزل بها القرآن الكريم، وحتى قال بعضهم: "ما لسان حمير وأقاصي اليمن بلساننا ولا عربيتهم بعربيتنا3.

ثم كيف عرف الحبران اليهوديان أن هناك نبيا سوف يبعث من قريش، ومبلغ علمي أن التوراة -وكذا التلمود- لم يرد فيهما نص صريح بذلك، صحيح أن هناك نصوصًا تشير إلى مبعث نبي من العرب، وأن الإرهاصات بمولد المصطفى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كثيرة، وأن البشارات بمولد النبي الاعظم -عليه الصلاة والسلام- أكثر من أن تحصى، بل إن كان ما في بلاد العرب يكاد يشير بالتغيير المنتظر، على يد رسول الله وخاتم النبيين -صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَلَيْهِ- ولكن صحيح كذلك أنها لم تشر إلى أنه من قريش بالذات، وأنه سوف يهاجر إلى المدينة كذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015