وأما لماذا سمي باسمه هذا؟ فالجواب عند بعض الأخباريين، لأنه كان يلبس حلة حمراء، وإن وقف البعض الآخر موقفًا محايدًا إزاء هذه التفسيرات، فرأى أن هذه الأسماء مثل حمير -وكذا اسمه الآخر العرنج أو العرنجج- لا نقف لها على اشتقاق، لأنها قد بعدت قدم العهد بمن كان يعرفها1.

وبدهي أن هذه الروايات لا شك أن الكثير منها، إنما هو أقرب إلى الأساطير منه إلى حقائق التاريخ، وأن حمير -إن كان هناك من يدعى حمير- لم يمد حدوده إلى الصين؛ ذلك لأن التاريخ لا يعرف أن العرب قد وصلوا إلى تلك البلاد غزاة فاتحين، طوال تلك العصور الغابرة، وإني لأظن -وليس كل الظن إثمًا- أن هؤلاء الكتاب الإخباريين إنما كانوا متأثرين بالفتوحات الإسلامية في تلك المناطق، فخيل إليهم أن للأمر سوابق خلت، فإذا كان ذلك كذلك، فتلك مأساة، إذ يصبح الإخباريون بعيدين عن تلك الروح التي تمت بها الفتوح الإسلامية، والتي لم ولن يعرف التاريخ لها مثيلا، وذلك حين خرج المسلمون من بلاد العرب ينشرون التوحيد والهداية والنور في جميع أنحاء الدنيا، لا يبغون من وراء ذلك بلادًا يستعمرونها، أو إمبراطورية يتربعون على عرشها، أو أسلابا يغنمونها، وإنما كانوا يبغون أولًا وأخيرًا، وجه الله، وهداية الناس -كل الناس- إلى الإسلام، دين الله الحنيف.

والأمر كذلك بالنسبة إلى إخراج ثمود من اليمن إلى الحجاز؛ ذلك لأن الثموديين2 -كما تدل آثارهم- إنما كانوا أصلا من شمال بلاد العرب، وليس من جنوبها، وقد انتشرت آثارهم في مناطق واسعة، امتدت من الجوف شمالا، إلى الطائف جنوبًا، ومن الأحساء شرقًا، إلى يثرب فأرض مدين غربًا، وفي المسالك المؤدية إلى العقبة والأردن وسورية، ولعل في هذا تفسيرًا لذكر القرآن الكريم لهم دون غيرهم من شعوب بلاد العرب، ممن هم كانوا أكثر منهم شهرة في مجال التجارة أو المدنية أو القوة، كالديدانيين والأنباط واللحيانيين3، فضلا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015