"كرب إيل" وأن ظفار كانت عاصمة لهم 1، وأن اسمهم قد جاء في ألقاب "عيزانا" ملك أكسوم، حيث نقرأ في لقبه "ملك أكسوم وحمير وريدان وحبشة والسبئيين وصلح وتهامة2"، ومن الغريب أن الكتاب المسيحيين والبيزنطيين إنما عدوهم من القبائل الحبشية3.
وقد شغل الحميريون في الكتب العربية صفحات، ربما كانت أكثر مما شغلته بقية دول العربية الجنوبية مجتمعة، وقد نسبوهم إلى "زيد" الذي لقبوه "حمير" ثم جعلوه ابنا لسبأ، فهو -فيما يزعمون- "حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان"4، وأنه أول من توج بالذهب، وقد ورث أباه في عرشه- ولمدة خمسين عامًا على رأي، وخمسة وثمانين على رأي أخر- وأنه في أثناء ذلك مد حكمه إلى حدود الصين، كما أخرج ثمودًا من اليمن إلى الحجاز، وأنه عاصر الخليل عليه السلام "أو على الأقل هو في درجته من النسب"، ومن ثم فهو الذي سير جرهما إلى الحرم وأرض الحجاز، حيث التقوا بهاجر وولدها إسماعيل الذي تزوج منهم، وهكذا ذهب بعض الإخباريين إلى أنه إنما كان قبل عاد وثمود بدهور طويلة، فضلا عن أنه هو الذي بنى سد مأرب، أو أكمله بعد أبيه سبأ، ثم مات بعد عمر طال إلى ثلاثة قرون كاملة، تاركًا وراءه بنين كثيرين، وإن رأى البعض أنهم ستة تفرعت منهم قبائل حمير، والتي لم يربط الود بينها، بقدر ما دقت طبول الحرب، ويضيف البعض إلى ذلك، أنه لما مات وثب أخوه "كهلان" على الملك فاغتصبه، ولكن أبناء حمير سرعان ما استردوه، ومن ثم فقد بقيت "كهلان" على الحدود، فيما يلي الصحراء5.