لعل أهم ما يميز هذا العصر أمران: الأول: انتقال العاصمة من صرواح إلى مأرب، واتخاذ قصر "سلحين" الشهير قاعدة للعرش السبئي، والآخر: أن حكام سبأ بدءوا يتخلون عن لقب "مكرب"، ويتخذون بدلا عنه لقب "ملك"، وأما توقيت هذا العصر فموضع خلاف، فبينما يذهب "هومل" إلى أنه إنما كان في الفترة "650-115ق. م" -أو حتى عام 109ق. م، فيما يرى ريكمانز1- يذهب "فلبي" إلى أنه بدأ في عام 610ق. م، وأن "كرب إيل وتار" إنما كان في الفترة "620-610ق. م" مكربًا لسبأ، وليس ملكًا لها2، ويتجه "أولبرايت" إلى أن ذلك إنما كان بعد قرنين، وأن "كرب إيل وتار" قد حكم كملك في حوالي عام 450ق. م، وبالتالي فإن عهد ملوك سبأ إنما يبدأ في تلك السنة3.
وأيًّا ما كان الأمر، فالذي لا شك فيه أن "كرب إيل وتار" هو أول ملوك هذه الفترة، ومن الثابت تاريخيًّا أن هذا الأمير القوي الذي نستطيع أن نقول عنه إنه المؤسس الحقيقي للملكية السبئية كان يحتفظ كذلك بلقب "مكرب" المقدس، -كما احتفظ به الذين جاءوا من بعده- وربم كان لقب مكرب السبئي هذا أصلا لقب أمير قتبان4.
وكان "سمه علي ذريح" هو الملك الثاني5، وقد ذهب "فلبي" إلى أنه ربما كان ابنًا لسلفه، وأن حكمه قد بدأ حوالي عام 600ق. م6، ثم جاء من بعده ولده "الشرح"، ونقرأ في نص "Cih374" أنه أقام جدار معبد الإله الموقاة في محرم بلقيس في مأرب، ورمم أبراجه، وأدى ما كان قد نذره للموقاة ولعثتر وهوبس وذات حميم، وأنه أقام هذا النقش تخليدًا لذكرى والده "سمه علي ذريح"