وأما النشاط الديني، فقد أسهم فيه ببناء "معبد نسور" و"معبد علم" و"معبد في ريدان"، هذا فضلا عن معبد للإلهة "ذات حميم" في "حنن"، وعدة أبنية بإزاء معبد "دهب"، كما أقام مذبحًا عند باب "نوم" للاحتفال بموسم "صيد عثتر" الذي لا نعرف عنه شيئًا، وإن كان يبدو أن مكاربة سبأ إنما كانوا يحتفلون بالصيد في مواسم معينة، ثم يعقدون صلة بين هذه المواسم وبين الآلهة، ربما ابتغاء مرضاة هذه الآلهة، ورغبة منهم في أن تمنحهم صيدًا وفيرًا1.
وجاء بعد "يثع أمر"، "كرب إيل وتار" والذي يعد عهده من العهود الحاسمة في تاريخ سبأ، فهو خاتمة لعهود المكربين، وفاتحة لعهود ملوك سبأ، أو بمعنى آخر، الانتقال من حكومة دينية إلى حكومة مدنية، حيث بدأ الحكام السبئيون يخلعون لقب "مكرب" -والذي ربما كان يعني أمير كاهن أو الكاهن الأكبر2، وربما الملك الكاهن، مما يشير إلى الأساس الـ"ثيو قراطي" الذي قامت عليه الدولة3- وعلى أي حال، ففي أخريات عهد هذا الحاكم السبئي "كرب إيل وتار" بدأت الدولة تتحول إلى حكومة دنيوية، وأصبح رئيسها يحمل لقب "ملك".
ويرى "فلبي" أن "كرب إيل وتار" قد حكم في الفترة "620-600ق. م" وأنه غير لقبه من مكرب إلى ملك حوالي عام 610ق. م4، بينما يرى آخرون أنه حكم في حوالي نهاية القرن الخامس ق. م5، ويعد "نقش النصر" في صرواح، والذي يغطي وجهي جدار مشيد من المرمر قائم في بهو المعبد، من أهم مصادر التاريخ اليمني، ذلك لأن صاحبه "كرب إيل وتار" قد دون فيه كل أعماله الحربية والدينية.
ويبدأ النص: الذي تعد دراسة "نيكلولوس رود كناكيس"6 أهم دراسة له، بتوجيه الملك السبئي الشكر للآلهة السبئية التي أغدقت نعمائها عليه، فوحدت