وثالثة للقضاة، مستقلة عن بعضها -على الأقل فيما يتصل بالأمور المالية للدولة- أما فيما يتعلق بمعرفة الفترة التي كان هذا النظام مستعملا فيها، أو الحالات العديدة التي كان يطبق فيها، فهذا ما لا نعرفه، ولا نستطيع الحكم عليه من النصوص التي تحت أيدينا1.
وأما الفترة الثانية من تاريخ قتبان، والتي استمرت زهاء قرن من الزمان "350-250ق. م" فقد كان أول ملوكها "أب شبم" ثم ابنه "شهر غيلان"، الذي ترك لنا كثيرًا من النصوص، وجد بعضها في المدخل الثاني لمدينة "تمنع" هذا إلى جانب كتابة أخرى دونت عند تجديد إحدى العمارات وإنشاء برج2، فضلا عن الكتابة المعروفة بـ "جلازر 1601" والتي تتحدث عن جمع ضرائب من قبيلة "كحد" النازلة في "دتنه"، وقد جاء فيها أن رئيس القبيلة هو المسؤل عن جمع الضرائب، والتي تساوي "عشر كل ربح صافي، وكل ربح من التزام أو من بيع أو من إرث"، كما تتحدث عن توريدها لخزانة الدولة في نهاية كل عام، فضلا عن ضرائب المعابد، والتي تسمى "عصم"، وهي لفظة -يروى رود كناكيس- أنها تطلق على كل ما يسمى للآلهة أو المعابد من ضريبة مقررة، أو نذر، أو صدقة3.
ولعل من الأهمية بمكان الإشارة هنا إلى أن إدارة المعابد، إنما كانت تتركز في العاصمة القتبانية، وأنها قد تركت أثرًا بعيدًا في استغلال أراضي الدولة، وفي الحصول على جزء من دخلها، وأن الدولة نفسها قد منحت إدارة المعابد هذا الحق، مجاملة منها لهذه المراكز الدينية التي انتشرت كذلك في خارج العاصمة، وقد كانت القبائل مطالبة بأن تدفع للمعابد عشر الدخل والميراث والمشتريات، إلى جانب ضريبة أخرى كانت تقدم للمعبد كهبة.
هذا وقد كان أفراد طائفة المعبد يسمون "المطعمون على يد عم" "وعم هو كبير آلهة قتبان" بسبب اتصالهم بكبار رجال الدين في قتبان، وهم الذين كان القوم يعتقدون أن الله قد فوضهم في إدارة أراضيه الدنيوية، وهكذا قامت الجماعة المعروفة باسم