أسلاف العبرانيين في صحراء جنوب فلسطين، ثم بدأ سكان كنعان يستخدمون اصطلاح "مصرايم" على المراعي الجنوبية -وكذا على مصر نفسها- ذلك البلد الذي يقع بالنسبة إليهم فيما وراء الصحراء، ولعل مما يفسر هذا الافتراض أن الوادي القريب من "غزة" سمي "نهر مصرايم"، على الرغم من أنه على مسيرة ثلاثة أيام من الحدود المصرية، ومن هنا فمن الممكن أن يشير اسم "مصرايم" في بعض النصوص والتقاليد العبرية، إلى الصحراء المصرية، وليس إلى اسم مصر بالذات1.
وقد ناقشنا ذلك الأمر في كتابنا "إسرائيل"2، وخرجنا من المناقشة بأن الأدلة العملية، والتقاليد الإسرائيلية، وما ورد في التوراة من وصف لجو مصر وأحوالها، وأثر الأدب المصري في كتب الإسرائيليين، والنصوص التوراتية الصريحة التي تتحدث عن دخول الإسرائيليين مصر، بل وذكر أسماء الداخلين منهم أرض الكنانة، كل ذلك وغيره مما يؤكد أن المقصود هنا أرض الكنانة3، هذا فضلا عن أن ذلك أمر أجمعت عليه الكتب المقدسة الثلاثة "التوراة والإنجيل والقرآن العظيم"، وإنكارنا لأمر تجمع عليه الكتب المقدسة، لا يتفق ومنهج البحث العلمي، فضلا عن تعارضه مع إيماننا بما جاء في كتب السماء.
وانطلاقًا من هذا، وترتيبًا عليه، فإن "مصر" التي جاءت في قصة الإسرائيليين، ليست هي "موصرى" الواقعة في شمال غربي بلاد العرب، وإنما هي "مصر"، كنانة الله في أرضه، ومن ثم فإن ما جاء في نص "تجلات بلاسر الثالث" 745-727ق. م" من أنه قد عين "أدبئيل" حاكمًا على "موصري" فإنما يعني هذه المقاطعة العربية، والتي تقع إلى الشمال من "نخل موصرى" أي "وادي موصرى"4.