وأيًّا ما كان الأمر بالنسبة إلى موقع "مجان" وصلتها بمعين، فإن هناك من ذهب -قبل عصر الاكتشافات الحديثة- إلى أن المراد بلفظ "Minaeo" إنما هم "المنائيون" نسبة إلى "منى" في مجاورات مكة المكرمة1، بل إن واحدًا من المؤرخين المعاصرين ذهب إلى أن المعينيين إنما هم قوم عاد2، بينما ذهب آخرون إلى أنهم من بدو الآراميين الذين كانوا في أعالي جزيرة العرب قبل دولة حمورابي بعدة قرون، فلما ظهرت هذه الدولة واقتبست حضارة السومريين -الدينية والتشريعية والاجتماعية- كان المعينيون في جملة القبائل التي نالت حظًّا من ذلك كله3، وبعد فترة لا ندري مداها على وجه التحقيق، هاجر المعينيون- مع قبائل أخرى- من العراق والتمسوا مقرًّا متحضرًا يقيمون فيه، فنزلوا اليمن في إقليم الجوف وشيدوا القصور والمحافد على مثال ما شاهدوه في بابل4، ويقدم هذا النفر من الباحثين أدلة على زعمهم هذا، منها -فيما يرون- اشتراك المعينيين والآراميين في أسماء الأشخاص وأسماء المعبودات، ومنها الاشتراك في أسس المعتقدات وطرق العبادة5.

على أن أرجح الآراء -فيما نعتقد ونميل إلى الأخذ به- أن المعينيين من جنوب شبه الجزيرة العربية، وأنهم لم يفدوا من الشمال كما زعم البعض6، وإن كانوا قد حققوا سيطرة على الطرق التجارية بين جنوب بلاد العرب وشمالها، وقد كانت وقت ذاك وسيلة نقل الطيب والبخور، كما كانت تمتد في الشمال من غزة حتى مصر من ناحية، ومن غزة إلى الشام من ناحية أخرى، ومن ثم فقد أسسوا هناك مركزًا خاصًا بهم يبعد عن اليمن بحوالي 1000 كيلو متر، وتفصل بينه وبين اليمن بلاد عربية أخرى تقع على الطرق التجارية7، ثم سرعان ما بدأ نفوذهم السياسي يتسرب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015