يتفق العلماء -أو يكادون- على أن دولة معين، إنما هي أول دولة نستطيع أن نلمح بعض معالمها وسط ضباب التاريخ القديم لبلاد العرب الجنوبية، وأنها -طبقًا للنقوش التي تركتها في شمال اليمن حول بلدة معين- قد قامت في منطقة الجوف، بين نجران وحضرموت، وهي منطقة سهلة غرينية، اشتهرت بنخيلها وأخشابها ومراعيها، التي تعتمد على مياه "الخاردن" وعلى الأمطار التي تسقط هناك، فتكون سيولا تسيل في أودية، فإذا أضفنا إلى ذلك كله، أن الجبال تحيط بها من جهات ثلاث، مما يكون حماية طبيعية لها، لتبين لنا إلى أي مدى ساعدت تلك العوامل الطبيعية على أن تكون منطقة الجوف هذه، مركزًا هامًا للحضارات في اليمن القديم1.
ومصادرنا الأصلية عن دولة معين، إنما هي الكتابات التي تركها أصحاب هذه الحضارة، فضلا عن كتابات الرحالة القدامى من الأغارقة والرومان2، من أمثال "ديودور الصقلي" "من القرن الأول الميلادي"، و"سترابو" "66ق. م-24م"، الذي دعاهم "Minai= Meinaioi"، وأن عاصمتهم، "قرناو" "Carna=Karna" وأما موقع بلادهم فقد رآه في الشمال من سبأ وقتبان، وإلى الغرب من حضرموت3، أضف إلى ذلك أن "ثيوفراستوس" قد ذكر إلى جانب سبأ وقتبان وحضرموت- أرضًا دعاها "Mamaii"، رأى "أوليري" أن المراد بها "معين" Minaia"