وأيًّا ما كان الأمر، فهناك حقيقة ثابتة، تتلخص في وجود ثقافة من العصر الحجري القديم في بلاد العرب، وأن هذه الثقافة تشبه إلى حد كبير ما عثر عليه في أفريقية، كما تشبه كذلك -مع وجود اختلافات غير قليلة- ما عثر عليه الباحثون من رجال عصور ما قبل التاريخ في سورية والعراق1.
وربما كان نصيب شرق شبه الجزيرة العربية من آثار عصور ما قبل التاريخ أفضل من غيرها، ففي خلال النصف الأخير من هذا القرن استقطبت بلاد العرب -خصوصا الجزء الشرقي منها، بما في ذلك ساحل الخليج العربي- أنظار علماء الآثار عامة، نتيجة للأبحاث التي قامت بها بعثة علمية دنمركية في أجزاء مختلفة من عمان وأبو ظبي وقطر والبحرين والكويت، وأهم ما لفت أنظار المجتمع العلمي هو الكشف عن عاصمة البحرين القديمة، والتي كانت تعرف سابقا بمركز حضارة دلمون2، والتي جاء ذكرها في النصوص السومرية، واشتهر ذكرها في مجال التجارة الدولية وقت ذاك بين مراكز الحضارة في سومر وبلاد نهر السند في باكستان الحالية، ومن ثم فعندما برزت نتائج التنقيبات عن "دلمون" في جزيرة البحرين، تأكدت