مهمته، وأكسبه نصره المبين1، بل إنك تقرأ عجبًا عن حماس إرمياء للملك البابلي في التوراة2، مما أثار الشكوك حول إرمياء وعلاقته ببابل، حتى ذهب البعض إلى أن النبي اليهودي إنما كان يعمل لحساب "نبوخذ نصر".
ومنها "ثالثًا" أن الملك البابلي لا يقبل خضوع عرب الشمال له، إلا بإذن من "برخيا" ولست أدري كيف قبل من كتبوا هذا القصص، أن يجعلوا أقوى رجل في عصره يخضع لواحد من يهود، واليهود -كما نعرف- لم يروا منذ أيام الفراعين العظام في عصر الإمبراطورية المصرية "1575-1087ق. م"، وحتى أيام "نبوخذ نصر" "605-562ق. م"، أعني منذ خروجهم من مصر في حوالي عام 1214ق. م، وحتى السبي البابلي في عام 586ق. م- ما رأوه من إذلال على يد العاهل البابلي، ومن ثم فإني أتساءل مرة أخرى،: كيف يكون أثر الإسرائيليات أوضح من هذا في روايتنا هذه.
ومنها "رابعًا" أن الملك البابلي الذي جعله هؤلاء المؤرخون المسلمون -ويا للعجب -يقوم بإفناء العرب -حتى في مواطنهم الأصلية- عقابًا لهم على كفرهم بأنبيائهم، هو نفسه الذي جعله هؤلاء المؤرخون أنفسهم، واحدًا من ملوك أربعة، ملكوا الدنيا بأسرها، وأعني بذلك تلك الأسطورة التي كثيرًا ما تتردد في الكتب العربية، والتي تقول: "ملك الأرض كافران ومؤمنان؛ فأما الكافران فنمرود وبختنصر، وأما المؤمنان فسليمان بن داود وذو القرنين"3، فإذا كان ذلك كذلك "وإن كنا لا نوافق على ذلك أبدًا"، فكيف أصبح نبوخذ نصر -عندما يتصل الأمر بالعرب- هو حامي الدين، والآخذ بثأر الأنبياء، وهو نفسه كافر