المتخصص ورجل الشارع، وذلك مع الاستعانة بكل الوسائل والفنون الصحفية التي تخلص الأحداث من تجردها، والأخبار من تعقدها، والمعلومات من صعوبتها.

إن المجتمع الإنساني الحديث أصبح ذا بعد كبير، بل إنه قد أصبح في الحقيقة متعدد الأبعاد. وقد لاحظت المؤسسات الاحتماعية والسياسية والعلمية أن نشر الأخبار مرتبط بنجاح رسالتها، ولكن هذا النشر لا بد وأن يكون مقترنا بالتبسيط والسلاسة حتى يفهمه الناس.

ولا بد من أن يستخدم هنا خبراء في التشخيص والتجسيد والشرح والتفسير، وتحويل المصطلحات العلمية والفنية إلى مصطلحات الخبرة العادية. والحقيقة أن هناك براعة صحفية في المزج بين المعالجة الصحفية والمعالجة الأكاديمية، لكي يفهم العمل الأصلي بعبارات سهلة ومبسطة.

وعلى الصحفي من خلال التفسير أن يوقظ القارئ، ويثير انتباهه، ويهيئ ذهنه للفهم، ويحثه على متابعة القراءة، وقد يتطلب ذلك أن يبهجه ويفاجئه ويسليه. ولذلك فإن استعمال المسرحة، أو الأسلوب الدرامي لا يمكن أن ينفصل عن الفن الصحفي.

إن الفرد في المجتمع الحديث لا يملك من الوقت أو الجهد أو المال أو العلم ما يمكنه من الوصول إلى مدلولات دقيقة لجميع المعارف، أو تكوين صور حقيقية للعالم الذي حوله. وفي معظم الأحيان يكون المحصول اللغوي للقارئ أو المستمع أو المشاهد محدودا، فلا يفهم ما يقال له. ومن هنا جاءت أهمية التبسيط والتجسيد والنمذجة، نتيجة لظروف الجماهير العريضة التي يزداد عددها كقراء للصحف من جهة، ولضغوط الحيز الضيق في المطبوعات من جهة أخرى. ولما كانت الفرص المتاحة إمام الفرد للمراجعة والنقد قليلة ومحدودة، فإنه لا يستطيع أن يفهم مشكلات العالم الحديث بتعقيدها وتخصيصها وتنوعها دون إلقاء الضوء عليها من الخبراء المتخصصين في عمليات النقل والتبسيط.

ومع أن الفرد يعيش في حيز صغير من المكان على سطح الأرض، ويتحرك في دائرة محدودة، ولا يعرف إلا عددا قليلا من الناس، ولا يدرك من الأحداث إلا بعض زواياها، دون أن يعرف الزوايا الأخرى، فإن عليه -في المجتمع الديمقراطي- أن يشارك بالرأي حول مشكلات سياسية واجتماعية وثقافية تغطي مساحات أكبر مما يعيش مكانا وزمانا ويتناول من الموضوعات أكثر مما يمكنه ملاحظته شخصيا، معتمدا في ذلك على ما تمده به الصحافة وأجهزة الإعلام الأخرى من رؤى وأخيلة ونماذج وأنماط.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015