وظيفة الشرح والتفسير:

وإذا كانت الوظيفة الإعلامية للفن الصحفي هي تقديم الأخبار للجماهير بوضوح وصراحة ودقة وموضوعية مع ذكر مصادر هذه الأخبار، والالتزام بمعايير الصدق والأمانة والنزاهة، فهناك وظيفة أخرى لا تقل أهمية وهي وظيفة الشرح والتفسير والتبسيط. ونبادر إلى القول بأن التفسير والشرح ليس من قبيل التحريف أو الحذف أو إبداء الرأي، بل إن هذه الوظيفة قد نشأت حديثا بعد أن تعقد المجتمع، وازدادت تخصصاته، وترامت أبعاده، وأصبح معظم ما يجري فيه غير مفهوم للإنسان العادي، مما يتطلب من الصحفي شرحا لمغزاه، وتفسيرا لطبيعته.

فالصحافة الحديثة مسئولة عن تقديم المعلومات إلى الجماهير بصورة مبسطة مستساغة ومألوفة للقارئ العادي، وخالية من التفاصيل العلمية المعقدة. ولما كان الأمل في تكوين الرأي العام مرتبطا ارتباطا وثيقا بما تقدمه الصحافة من معلومات، وما تزود به قراءها من بيانات وأخبار، فقد أصبح من الضروري بيان طبيعة الحقائق والمعلومات، مع الاستعانة بالصور والعناوين وشتى الفنون الطباعية الصحفية.

وفي رأينا، أن العمود الفقري للفن الصحفي الحديث هو عنصر التبسيط والتجسيد والتصوير، الذي يحاول تقديم أعقد المشكلات السياسية والاقتصادية والثقافية باصطلاحات الإنسان العادي. وقد رأينا في الفصل السابق أن الفن الصحفي قد طور لغة المحادثة العادية الشخصية لكي يعبر عن المفاهيم الحضارية الحديثة، ولكي يضمن مشاركة جماهير الناس في مناقشتها.

إن الصحفي الحديث مسئول عن جعل كافة الحقائق والمعلومات ذات القيمة الحضارية في متناول أفهام كل الناس. وقد رأينا كلما ازداد النمو الفني والصناعي والعلمي لمجتمع ما، فإنه يصبح غاية في التعقيد والتجريد، وبعيدا كل البعد عن التجربة الفردية المباشرة. وهنا تظهر وظيفة الصحفي الناجح في رأب الصدع، وسد الهوة السحيقة بين الخبير والإنسان العادي، وبين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015