وبينما تقدمت فنون التصوير الفوتوغرافي في القرن التاسع عشر على النحو الذي سبق ذكره، لم تكن الصحافة قد عرفت الوسائل الفنية الحديثة التي تمكنها من نشر الصور عن طريق صناعة الأنماط "الكليشيهات" المعدنية. ومع ذلك، فلم تقف الصحافة مكتوفة الأيدي، بل كانت تصنع أنماطا على طريقة الحفر الخشبي، وذلك برسم الصورة المراد طبعها على قطعة من الخشب، ثم حفر الأجزاء الواقعة بين خطوط الرسم حفرا غائرا، حتى يتسنى تحبيرها وطبعها على الورق. ومع أن هذه الطريقة في صناعة الأنماط
المحفورة على الخشب لم تستطع مجاراة الصحافة في بادئ الأمر لأنها كانت محدودة النتائج، فقد استطاع توماس بويك1 أن يقفز بهذه الصناعة الخشبية قفزات سريعة إلى الأمام، عندما اكتشف في عام 1820 أن القطاعات العرضية من أخشاب الشجر أصلح بكثير من القطاعات الطولية لحفر الأنماط الطباعية.
وقد بلغت صناعة الأنماط الخشبية ذروتها سنة 1850، عندما ابتكر تشارلس ويلز2 طريقة جديدة لإنتاج الأنماط كبيرة الحجم بسرعة وسهولة، وبذلك ساير تقدم صناعة الأنماط ما بلغته الصحافة من رقي وانتشار3. وتتلخص طريقة ويلز في وضع مجموعة من القطع الخشبية المتساوية الواحدة إلى جانب الأخرى لتكون فيما بينها سطحا واحدا متحدا. وكانت هذه القطع الخشبية